Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 32-34)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } إلى قوله { وَأَعَزُّ نَفَراً } . وروي عن [ ابن ] عباس : أنهما أخوان ورثا مالاً فصار لكل واحد أربعة آلاف دينار . فأعطى أحدهما نصيبه للفقراء والمساكين واكتسب الآخر بنصيبه الأجنة والعبيد ، فاحتاج المتصدق فتعرض لأخيه ليصله . فقال : [ له ] أخوه : ما فعل مالك ؟ قال : قدمته بين يدي . قال : [ له ] : لكني اشتريت بمالي لنفسي ولولدي { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } [ الكهف : 36 ] الآية . وقيل : " كانا رجلين من بني إسرائيل اشتركا في تجارة فربحا ستة آلاف دينار . فاقتسماها وتفرقا . ثم اجتمعا فقال : أحدهما لصاحبه : ما فعلت ؟ قال : نكحت امرأة ، أفضل نساء بني إسرائيل بألف دينار . فانطلق الآخر فأخرج ألفاً فقال : اللهم إن صاحبي نكح من يموت ويبلى بألف دينار . وأنا أخطب إليك امرأة من نساء الجنة بهذه الألف ، وتصدق بها … القصة بطولها . و [ المعنى و ] اضرب يا محمد لهؤلاء المشركين ، الذين سألوك أن تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين أي بستانين من كرم { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } أي أظللنا البستانين بنخل حولهما . من قولهم حف القوم بفلان إذا حد قوابه . وقيل : إن هذا مما سأل عنه اليهود مع قصة أهل الكهف وذي القرنين والروح ، فأعلمنا الله [ عز وجل ] به وجعله مثلاً للكفار ولجميع المؤمنين . وروي أن الرجلين هما أبناء فطر سويسِ ملك كان في بني إسرائيل توفي وترك ابنين أحدهما يسمى مليخا . وكان زاهداً في الدنيا وراغباً في الآخرة ، فأنفق ماله في ذات الله [ عز وجل ] وكان الآخر يبني القصور ، ويكسب الأجنة والعبيد ، فزار الزاهد أخاه فوجد عليه حجاباً فلم يدخل إلا بعد إذن فسأله عن ماله . فقال : أنفقته في ذات الله ، وقدمته بين يدي لأقدم عليه . وجئتك زائراً . فقال : له الغني { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } أي عبيداً . ثم كان من شأنهما ما قص الله علينا . وقوله { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } . أي جعلنا وسط هذين البستانين زرعاً { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } أي : أطعم ثمرها { وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً } أي : لم تنقص من الأكل شيئاً { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } أي : بين أشجارهما . وفجرنا : سيلنا . وأجاز النحويون في غير القرآن : آتتا أكلهما . وأجاز الفراء كلتا الجنتين آتى أكله ، رده على معنى كل . وفي حرف عبد الله / " كلا الجنتين اتى أكله " . ثم قال : { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } . أي : ذهب وفضة ، قاله مجاهد وكذلك { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } [ الكهف : 42 ] وقال : قتادة : هو المال الكثير من أنواع شتى . وقال : ابن عمر [ وابن عباس ] ، ثمر : مال . وقال : مجاهد : كل ما في القرآن من " ثُمر " بالضم فهو المال ، وما كان " من ثَمر " بالفتح " فهي من الثمار . وقال ابن زيد : الثمر هنا الأصل ، وكذلك { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } [ الكهف : 42 ] أي : بأصله . وهو جمع ثمار ، كحمار وحمر ، وثمار جمع ثمرة ، فأما من أسكن الميم فإنما أسكن استخفافاً . ومعناه كمعنى قراءة من ضم . فأما من فتح الميم والثاء ، فإنه جعله جمع ثمرة كخشبة وخشب . ثم قال : { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ [ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ] } الآية . أي قال : صاحب الجنتين لصاحبه ، الذي لا مال له ، وهو يخاطبه { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } أي : أعز عشيرة ورهطاً .