Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 55-58)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } إلى قوله { مَوْئِلاً } . المعنى : وما منع هؤلاء المشركين يا محمد عن الإيمان [ بالله عز وجل ] إذ جاءهم البيان من عند الله [ سبحانه ] والاستغفار مما هم عليه من شركهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين . أي : إلا طلب أن يأتيهم العذاب كما أتي الأولين عند امتناعهم من الإيمان . وطلبهم العذاب كما طلب هؤلاء المشركون العذاب في قولهم : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] . ثم قال : { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } . من كسر القاف فمعناه : عيانا . ومن ضم فهو عند الفراء جمع " قبيل " أي يأتيهم متفرقاً صنفاً بعد صنف . وقال : أبو عبيدة : " قُبْلاً " بالضم مقابلة . وقال : مجاهد : قبلا ، فجأة . وقال : ابن زيد : عيانا . ثم قال : [ تعالى ] : { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } . أي : وما نرسل رسلنا إلا مبشرين أهل الإيمان بجزيل الثواب عند الله [ عز وجل ] ومنذرة أهل الكفر عظيم العقاب . ثم قال : { وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ } . أي : يخاصم الكفار النبي صلى الله عليه وسلم ويسألوا عن المسائل / يبتغون عجزه واستنقاصه ليزيلوا به حجته ، وينكروا نبوته فيزيلون الحق . ومعنى { لِيُدْحِضُواْ } يزيلوا ، وهو سؤالهم عن الروح وعن فتية الكهف وعن ذي القرنين وشبهه . فأعلم الله [ عز وجل ] نبيّه أنه لم يرسل رسله للجدال إنما أرسلهم مبشرين ومنذرين . ثم قال : { وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً } . أي : اتخذ الكافرون آيات الله [ عز وجل ] وحججه [ سبحانه ] سخرياً . والهزؤ السخرية كأنهم يسخرون به . ثم قال : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا } . أي : أيُّ الناس أوضع للأشياء في غير موضعها ممن ذكره الله [ عز وجل ] آياته وحججه فدله على سبيل الرشاد ، وأهداه إلى طريق النجاة ، فأعرض عن ذلك ولم يقبله { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أي ترك ما اكتسبت من الذنوب المهلكة له فلم يتب منها . ثم قال : تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } . أي : إنا جازيناهم بإعراضهم عن الهدى وميلهم إلى الكفر [ بأن ] جعلنا على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوه { وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } أي ثقلاً لئلا يسمعوه . فأعلم الله [ عز وجل ] نبيه [ صلى الله عليه وسلم ] أن هؤلاء بأعيانهم لن يؤمنوا . ثم قال : لنبيّه عليه السلام { وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } أي الاستقامة { فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً } أي : فلن يؤمنوا أبداً لأن الله [ عز وجل ] قد طبع على قلوبهم وآذانهم . وقيل المعنى : فمن أظلم لنفسه ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عن قبولها { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أي : ترك كفره ومعاصيه لم يتب منها . ثم قال : { وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ } . أي : وربك يا محمد الساتر على ذنوب عباده بعفوه إذا تابوا منها ذو الرحمة بهم . ولو أخذ هؤلاء المعرضين عن آياته بما اكتسبوا من الذنوب بالعذاب في الدنيا لعجّل لهم ذلك . لكنه برحمته وعفوه لم يعجل لهم ذلك . وتركه إلى وقته ، وهو الموعد المذكور . { لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } . أي : لن يجدوا يعني هؤلاء المشركين من دون الموعد ملتحداً ملجئاً يلجؤون إليه من العذاب .