Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 62-65)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا } إلى قوله : { مِن لَّدُنَّا عِلْماً } . أي : فلما جاوزا مجمع البحرين ، قال : موسى لفتاه : آتنا غذاءنا ، { لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } . أي : تعباً . وذلك أن موسى [ صلى الله عليه وسلم ] لما جاوز الصخرة التي عندها يطلب الخضر وذهب الحوت عندها ألقى الله [ عز وجل ] عليه الجوع ليذكر الحوت ليرجع [ فليذهب ] إلى مطلبه . قال له فتاه وهو يوشع بن نون ابن أخت موسى من سبط يوسف بن يعقوب [ صلى الله عليه وسلم ] : { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } ، أي اتخذ طريقاً يسيرة . قال : موسى " عجباً " أي أعجب عجباً . وقيل هو من قول يوشع كله . أي اتخذ الحوت طريقه في البحر عجباً . فيكون عجباً مفعولاً ثانياً لاتخذ . ويجوز أن يكون مصدراً عمل فيه فعل دل عليه الكلام . وقيل المعنى : واتخذ موسى سبيل الموت في البحر عجباً . قال : ابن أبي نجيح عجباً لموسى [ صلى الله عليه وسلم ] لهى هو أي عجب موسى من أثر الحوت في البحر . وكذلك قال : قتادة . قال : ابن زيد : عجباً والله من حوت أكل منه دهراً ثم صار حياً حتى أثر بسيره في الماء طريقاً . قال : ابن عباس : عجب موسى من أثر الحوت إذ صار صخرة كلما مس . فمن جعل العجب من موسى ، وقوله { وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ } من قول يوشع ، وقف على البحر . ومن جعله كله من قول يوشع أو جعل الاتخاذ لموسى [ صلى الله عليه وسلم ] لم يقف على البحر . ثم قال : تعالى : { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } . أي قال : موسى لفتاه { ذَلِكَ مَا / كُنَّا نَبْغِ } . أي نسيانك للحوت هو الذي كنا نطلب . لأن موسى عليه السلام وعد أن يلقى الخضر في الوضع الذي نسي فيه الحوت . { فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } . أي : رجعا على طريقهما [ الذي ] أتيا فيه يطلبان الموضع الذي انسرب فيه الحوت . والقصص الاتباع . أي يقصان الأثر قصصاً حتى انتهيا إلى أثر الحوت { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } أي وجدا خضراً . وكان سبب سفر موسى لطلب الخضر فيما روى جماعة من المفسرين أنه سئل هل في الأرض أعلم منك ؟ فقال : لا [ و ] حدثته نفسه بذلك . فكره له ذلك فأراد الله [ عز وجل ] أن يعرفه أن من عباده في الأرض من هو أعلم منه . وقيل : إن موسى [ صلى الله عليه وسلم ] ركب البحر فأعجبه علمه ، فقال : في نفسه : ما أجد في زماني أعلم مني . فرفع عصفور في منقاره نقطة من ماء البحر فأوحى الله [ عز وجل ] إليه ما علمك عند علم عبد من عابدي إلا كما حمل هذا العصفور من ماء هذا البحر في منقاره . فقال : يا رب اجمع بيني وبين هذا العالم وسخره حتى أعلم علماً من علمه . فأوحى الله [ عز وجل ] إليه أنك تستدل عليه ببعض زادك . فمضى ومعه غلامه ومعهما خبزه وحوت وقد أكلا بعضه . فكان من قصتهما ما حكى الله [ عز وجل ] عنهما وعن الحوت . وقيل : كان سبب ذلك أنه سأل الله [ عز وجل ] أن يدله على عالم يزداد من علمه . قاله ابن عباس : قال : سأل موسى [ صلى الله عليه وسلم ] ربه [ عز وجل ] : أي ربي ، أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني فلا ينساني . قال : فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى . قال : ربي فأي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن تصيبه كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى . قال : رب فهل في الأرض أجده ؟ قال : نعم . قال : رب فمن هو ؟ قال : الخضر . قال : وأين أطلبه ؟ قال : [ على ] الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت . فخرج موسى [ صلى الله عليه وسلم ] يطلبه . حتى كان ما ذكر الله [ عز وجل ] وانتهى موسى [ صلى الله عليه وسلم ] إليه عند الصخرة فسلم كل واحد منهما على صاحبه فقال : له موسى : إني أريد أن تصحبني . قال : له الخضر : إنك لن تستطيع صحبتي . قال : له موسى : بلى . قال : له الخضر : فإن صحبتني { فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } [ الكهف : 70 ] فكان ما قصّ الله [ عز وجل ] علينا من أمر السفينة والغلام والجدار . ثم صار به الخضر في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحور وليس في مكان أكثر ماء منه . قال : ابن عباس : وبعث ربك الخطاف فجعل يستقي من ذلك الماء العظيم بمنقاره . فقال : الخضر [ لموسى ] : كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال : ما أقل [ ما ] رزأ منه . قال : يا موسى فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء . وكان موسى يحدث نفسه أنه ليس أحداً أعلم منه . ومن رواية ابن جبير عن ابن عباس أيضاً : خطب موسى بني إسرائيل . فقال : ما أجد أعلم بالله وبأمره مني ، فأمر أن يلقى الخضر . فلما اقتص موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل راقد قد سجى عليه ثوبه ، فسلم عليه موسى ، فكشف الرجل عن وجهه الثوب / فرد عليه السلام . فقال : من أنت ؟ فقال : موسى قال : صاحب بني إسرائيل ؟ قال : نعم . قال : أو ما كان لك في بني إسرائيل شغل ؟ قال : بلى ، ولكن أمرت أن أتبعك وأصحبك { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } [ الكهف : 67 ] كما قص الله علينا . ويروى أن موسى قال : له : وما يدريك أني صاحب بني إسرائيل ؟ قال : له : ادراني بكل الذي ادراك بي . قال : قتادة : قيل لموسى إن آية لقيك إياه أن تنسى بعض متاعك . فخرج هو ويوشع بن نون فتزودا حوتاً مملوحاً . حتى إذا كانا حيث شاء الله ، رد الله إلى الحوت روحه فسرب في البحر واتخذ الحوت طريقه في البحر سرباً . وقال : قوم إن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل وإنما هو عبد من عبيد الله من غير بني إسرائيل . فأنكر ذلك أكثر الناس ، وقالوا هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل . وقال : ابن جبير : كنا عند ابن عباس ، فقيل له : أن نوفا قال : ليس صاحب الخضر موسى بني إسرائيل . وكان متكئاً فجلس ، وقال : يا سعيد أنت سمعته ؟ قال ، قلت : نعم ، أنا سمعته وهو يقول ذلك . فقال : ابن عباس : كذلك نوف . حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بينما موسى [ صلى الله عليه وسلم ] يخطب قومه ذات [ يوم ] إذ قال : ما أعلم في الأرض رجلاً أعلم مني ، فأوحى الله [ عز وجل ] إليه : أن في الأرض رجلاً أعلم منك . قال : يا رب فدلني عليه . فقيل له : تزود حوتاً مالحاً فإنه حيث تفقد الحوت . فانطلق هو وفتاه حتى انتهيا إلى الصخرة . وانطلق موسى [ صلى الله عليه وسلم ] يطلبه وترك فتاه فاضطرب الحوت في الماء فجعل لا يلتئم عليه الماء فصار مثل الكوة . فقال : فتاه : إلى أن يجيء نبي الله فأخبره ، قال : فنسي أن يخبر موسى بذلك . فلما جاوزا { قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } . قال : فلم يصبهما نصب حتى جاوزا ما أمرا به . قال : واذكر ، يعني الفتى فقال : { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ } إلى قوله { قَصَصاً } فأراه مكان الحوت قال : ها هنا وصف لي . فذهب يلتمس فإذا هو بالخضر مسجى ثوباً " وذكر الحديث المتقدم .