Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 74-77)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ } إلى قوله : { لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } . المعنى : فانطلق موسى والخضر يسيران حتى لقيا غلاماً فقتله ] الخضر . قال : ابن جبير : وجد الخضر غلماناً يلعبون فأخذ غلاماً ظريفاً فأضجعه ثم ذبحه بالسكين . قيل كان اسمه جيسور . قال : له موسى { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ } أي بريئة . وقيل معناها ليس لها إليك ذنب ، قاله اليزيدي . وعن ابن عمر : " زاكية " صالحة . وعنه " زاكية " لا ذنب لها . فأما من قرأ " زكية " بغير ألف ، فقال : ابن عباس وقتادة : الزكية التائبة . وقال : ابن جبير : الزكية التي لم تبلغ الخطايا . وقال قطرب : زكية مطهرة . وقال : الكسائي والفراء هما لغتان . ومعناه عندهما لم يجن جناية . وقوله : { بِغَيْرِ نَفْسٍ } . أي : بغير قصاص نفس قتلت فيلزمها القصاص قوداً بها . وهذا المعنى يدل على أن الذي قتله الخضر لم يكن طفلاً بل كان بالغاً . لأن القود بالنفس لا يكون إلا بعد البلوغ . ثم قال : { لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } أي : لقد فعلت فعلاً منكراً . قال : بعض أهل اللغة " الإمر : أشد من " النكر " لأن الأمر إنما / يستعمل في الشيء العظيم . فلما كان هلاك جماعة في خرق السفينة قال : " امراً " وقال : هنا " نكرا " لأنه قتل واحداً وقتل الجماعة أعظم من قتل واحد . وروي عن قتادة أنه قال : النكر أشد من الأمر . وقيل معناه : لقد جئت شيئاً أنكر من الأول . قال له الخضر { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } . أي : لا تقدر أن تصبر على ما ترى من أحوالي وأفعالي التي لم تحط بها خبراً . وإنما كرر المخاطبة الخضر في المرة الثانية لموسى [ صلى الله عليه وسلم ] لأن الإنسان إذا أذنب ثانية كان اللوم عليه آكد من ذنبه أولاً . فلما أنكر موسى على الخضر خرقه السفينة وبخه الخضر توبيخاً لطيفاً إذ لم يتقدم لموسى ذنب . فقال : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } فاعتذر موسى بأنه نسي الشرط الذي اشـ [ ـتـ ] ـرط عليه الخضر . فلما عاد موسى إلى الإنكار في قتل الغلام زاد الخضر في توبيخه لعوده لبعض ما اشترط عليه فكرر الخطاب ليكون أبلغ في التوبيخ فقال : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } فكرر المخاطبة في الثاني لعودة العلة . فقال : له موسى : { إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي } أي : تتابعني أي فارقني { قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } أي : بلغت العذر في شأني . وروى أبي بن كعب أن النبي عليه السلام قال : " يرحمنا الله وإياه يعني موسى ، لو صبر لرأى عجباً " ، وقال : لما قرأ هذه الآية : " استحيى نبي الله موسى " . ثم قال : تعالى : { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } . أي : فانطلق موسى والخضر يسيران حتى إذا جاءا أهل قرية { ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } أي : سألاهما أن يطعموهما من الطعام . فابوا ، فاستضافوهم فأبوا . يقال : ضيفت الرجل إذا انزلته منزلة الاضياف . وأضفته أنزلته . وضيفته نزلت عليه ، مشتق من ضاف السهم أي مال . وضافت الشمس إذا مالت للغروب . ومنه قولهم هو مخفوض بالاضافة [ أي ] بإضافة الاسم إليه . ثم قال : { فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } أي يسقط بسرعة . وقرأ يحيى بن يعمر " يريد أن ينقاص " بالصاد غير معجمة ، أي ينقطع من أصله وينصدع . وقيل معناه : ينشق طولاً . يقال : انقاصت سنه إذا انشقت ويقال : إن القرية انطاكية . قال : الكسائي : إرادة الجدار هنا ميله ، لأن الأموات لا تريد . كما قال : النبي عليه السلام لا " ترى نارهما " أي لا يكون بموضع لو وقف فيه إنسان لرأى النار الآخر . إن النار لا ترى منه . وقوله : { وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [ الأعراف : 198 ] . وقال : أبو عبيدة : ليس للحائط إرادة ولكن إذا كان في هذه الحال فهو من دنيه فهو إرادته . وقيل : إنما كلم القوم بما كانوا يعقلون ويستعملون فلما دنا الحائط من الانقضاض جاز أن يقول { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } وقد قال : الشاعر : @ يُرِيدُ الرمحُ صدرَ أبي براء ويَرْغَبُ عن دِمَاءِ بَنِي تميم @@ وقال : آخر : @ يَشْكُو إلي جملي طول السَّرى صبراً جميلى فكلانا مبتلى / @@ وقال : آخر وهو عنترة : @ فازوزَّ مِنْ وقع القَنَا بَلْبَانه وشكا إلي بَعَبْرة وتَحَمْحُم . @@ وقوله : { فَأَقَامَهُ } قال : ابن عباس هدمه ثم قعد يبنيه . وعنه أنه قال : رفع الجدار بيده فاستقام . وقال : مرة أخرى : مسحه بيده فاستقام . قال : له موسى { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } أي لو شئت لم تقم لهؤلاء القوم جدارهم حتى يعطوك على إقامته أجراً . قيل عني موسى بالأجر هنا الضيافة ، أي حتى يبرونا . و { لَتَّخَذْتَ } على قراءة الجماعة هو افتعلت من " تخذ " لكن أدغمت التاء التي هي فاء الفعل الأصلية بالافتعال . ويجوز أن يكون افتعلت من " أخذ " وأصله " أيتخذ " . ثم أبدل من الياء التي هي عوض من الهمزة التي هي فاء الفعل فأدغمت في تاء الافتعال . فأما قراءة أبي عمرو وابن كثير فإنه من : تخذ يتخذ مثل شرب يشرب . قال : ابن سيرين : القرية التي أتوها " الآيلة " وهي أبعد الأرض من السماء .