Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 78-81)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } إلى قوله : { وَأَقْرَبَ رُحْماً } . أي قال : الخضر لموسى في الثالثة : هذا الذي قلت لي ، يعني قول موسى له : { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } [ الكهف : 77 ] ، مفرق بيني وبينك به { سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } أي سأخبرك بما تؤول إليه عاقبة أفعالي التي فعلتها ولم تقدر أنت على ترك المسألة . قال : له الخضر : أما السفينة وما فعلت فيها فإنها كانت لقوم مساكين يعملون في البحر ، فاردت أن أخرقها لئلا يمضوا بها فيأخذها منهم الملك الذي أمامهم غصباً . " وراء " هنا بمعنى أمام كما قال : { مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ } [ الجاثية : 10 ] أي من أمامهم . فإذا خلفوه أصلحوها بزفت فاستمتعوا بها ، فذلك أصلح لهم من تركها سالمة . وقيل معنى : " وراءهم " خلفهم على بابها . والمعنى أن الملك المغتصب خلفهم إذا رجعوا ليأخذ سفينتهم . وقيل : اسم الملك المغتصب هدد بن بدد . وقيل : اسمه الجلندي بن المستكبر ابن الأرقم بن الأزد ملك غسان . كان يغصب الناس على سفنهم [ إن ] كانت صحيحة لا عيب فيها ، فلما خرقها الخضر وعابها لم يعرض لها الملك الغاصب ، ولم يضر بمن [ كان ] فيها بل نفع الخضر بفعله أصحابها إذ لو وصلوا بالسفينة صحيحة لغصبهم الملك إياها . وقيل : إن السفينة إنما كانت في أيديهم يعملون فيها بالأجرة ولذلك سماهم مساكين . وقيل : قوله { فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ } [ لا ] يدل على ملكها لهم كما أن قول النبي صلى الله عليه وسلم " من باع عبداً له وله مال فماله للبائع " لا يدل على أن العبد يملك . وكذلك قوله تعالى : { لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ } [ العنكبوت : 41 ] لا يدل على أنها تملك . ثم قال : { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } [ أي فكان كافراً وأبواه مؤمنين ] وكذلك هي في حرف أبي " وكان كافراً " . وقرأ ابن عباس " فكان أبواه مؤمنين وكان كافراً " . وروى أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً " . وقيل : كان فعالاً [ للقبيح ] مؤذياً للجيران فكان أبواه / يحلفان عنه أنه فعل ، فيكذبان في ذلك . وقيل كان الغلام فاجراً لصاً قطاعاً للطريق ، وكان أبواه في عدد وشرف ، فإذا أحدث الحدث نجا إليهما فمنعا منه . ويحلفان بالله ما فعل ويظنان أنه صادق في إنكاره ، وقوله ما فعلت ، فيحلفان كاذبان تصديقاً لولدهما . ثم قال : { فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا } . قيل هذا من كلام الخضر . وقيل هو من قول الله جل ذكره ، فإذا كان من قول الله [ عز وجل ] فمعناه فعلمنا ، كما يقال : طننت بمعنى علمت . وقيل معناها فكرهنا ، فالخشية من الله [ سبحانه ] الكراهة ، ومن الادميين الخوف . ومعنى { يُرْهِقَهُمَا } أي : يلحقهما ، أي : يحملهما على الرهق وهو الجهل . وقيل معناه يكلفهما . وقيل يغشيهما { طُغْيَاناً } وهو الاستكبار على الله [ عز وجل ] { وَكُفْراً } أي : وكفراً بالله [ سبحانه ] . ومن جعل { فَخَشِينَآ } من قول الله [ عز وجل ] كان " فأردنا " من قوله أيضاً ، أي فأراد الله . ومن جعل { فَخَشِينَآ } من قول الخضر فإن " فأردنا " من قوله أيضاً . ومعنى { خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً } اسلاماً . وقيل صلاحاً . قال : ابن جبير بدلاً منه جارية وقال : ابن عباس : بدلاً منه جارية ] فولدت نبياً هدى الله به أمة من الأمم . وروي عنه أنه كان من ذريتهما سبعون نبياً . وقال : ابن جريج : كانت أم الصبي يومئذٍ حبلى فبدل الله [ عز وجل ] لهما منه إن ولدت غلاماً مسلماً . قال : قتادة : فرح به أبواه حين ولد ، وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما . فليرض امرؤ بقضاء الله [ عز وجل ] فإن قضاء الله [ سبحانه ] للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب . وقوله : { وَأَقْرَبَ رُحْماً } . أي : أقرب رحمة بوالديه وأبرّ بهما من المقتول ، قاله قتادة . وعنه أيضاً { وَأَقْرَبَ رُحْماً } أقرب خيراً . وقال : ابن جريج : أقرب أن يرحمه أبواه منهما للمقتول . وقيل : المعنى أقرب أن يرحما به . وقيل : الزكاة هنا الدين والرحم المودة . والرحم مصدر رحم رحماً ورحمة . وقيل هو من الرحم والقرابة .