Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 82-84)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ } إلى قوله { مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } . هذه حكاية من قول الخضر لموسى أن الجدار الذي أقمته كان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما . قال : ابن عباس ومجاهد وابن جبير : كان صحفاً مدفونة فيها علم . [ و ] قال : جعفر بن محمد : كان ذلك سطرين ونصف لم يتم الثالث . وهما : عجب للموقن بالرزق كيف يتعب . و [ عجب ] للموقن بالحساب كيف يغفل . و [ عجب ] للموقن بالموت كيف يفرح … { وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 47 ] فحفظا بصلاح أبيهما السابع . وقال : الحسن كان الكنز لوحاً من ذهب مكتوب فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم " : عجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها . لا إله إلا الله محمد رسول الله " . روى ابن وهب : أن الكنز كان لوحاً من ذهب مصمت مكتوب فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم " عجب لمن عرف الموت ثم ضحك ، عجب لمن أيقن بالقدر ثم نصب ، عجب لمن أيقن / بالموت ثم أمن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله " . وقيل كان في جنب منه : عجب لمن أيقن بالقدر ثم نصب ، عجب لمن أيقن بالنار ثم ضحك ، وعجب لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها . أنا الله الذي لا إله إلا أنا ، محمد عبدي ورسولي . وفي الشق الآخر : أنا الله الذي لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه ، والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه . وقال : عكرمة : كان الكنز مالاً مدفوناً . وكذلك روي عن قتادة ، وهو الذي يعطي ظاهر الخطاب لأنه لو كان غير مال لبين بالإضافة فكان يقال : كنز علم ونحوه . ثم قال : تعالى حكاية عن قول الخضر لموسى : { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } : أي باليتيمين . فهذا عذر الخضر في إقامته للجدار . ونصب " رحمة " على المصدر على أنه مفعول من أجله . ثم قال : { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } . أي : ما فعلت جميع ما رأيت يا موسى من عند نفسي إنما فعلته عن أمر الله . وهذا يدل على أنه وحي أتاه في ذلك من عند الله . ثم قال : { ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } . أي : هذا الذي قلت هو الذي يؤول إليه فعلي الذي أنكرته ولم تقدر على الصبر لما رأيته يا موسى . وهذه الأخبار كلها تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم وإعلام له بما جرى لمن كان قبله . ثم قال : { وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } . أي : ويسألك يا محمد المشركون عن ذي القرنين وقصته { قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } أي سأقص عليكم منه خبراً . وهذا مما سألت اليهود قريشاً أن يسألوا عنه النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل إن اليهود بأنفسهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . قال : مجاهد : ملك الأرض أربعة مسلمان وكافران . أما المسلمان فسليمان بن داود [ عليهما السلام ] وذو القرنين . وأما الكافران فنمرود وبختنصر . " وروى عقبة بن عامر أنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فلقيني قوم من اليهود فقالوا : نريد أن نسأل رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فاستأذن لنا عليه ، قال : فدخلت فأعلمته . فقال : مالي ولهم ؟ مالي علم إلا ما علمني الله . ثم قال : [ لي ] : أسكب لي ماء فتوضأ ثم صلى . قال : فما فرغ حتى عرفت السرور في وجهه . ثم قال : أدخلهم عليّ وما رأيت من أصحابي . فدخلوا فقاموا بين يديه . فقال : إن شئتم سألتم فأخبرتكم عما تجدونه في كتابكم مكتوباً . وإن شئتم أخبرتكم ، فقالوا : بل أخبرنا . قال : جئتم تسألوني عن ذي القرنين وما تجدونه في كتابكم : كان شاباً من الروم فجاء فبنى مدينة مصر الإسكندرية فلما ، فرغ جاء ملك فعلا به في السماء ، فقال : ما ترى ؟ قال : أرى مدينتي ومدائن . ثم علا به ، فقال : ما ترى ؟ قال : أرى مدينتي ، ثم علا به فقال : ما ترى ؟ قال : أرى الأرض . قال : فهو اليم المحيط بالدنيا إن الله [ تعالى ] بعثني إليك تعلم الجاهل وتثبت العالم . فأتى به السد [ ين ] وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء . ثم مضى به حتى جاوز يأجوج ومأجوج . ثم مضى به / إلى أمة أخرى وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج . ثم مضي به حتى بلغ إلى أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب . ثم مضى به حتى قطع هؤلاء إلى أمة أخرى قد سماهم ، وإنما سمى ذو القرنين لأنه ضرب على قرنه فهلك ثم أحيي فضرب على القرن الآخر فهلك " . قال : علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] : لم يكن نبياً ولا ملكاً ، ولكن كان عبداً صالحاً أحب الله فأحبه . ونصح لله [ عز وجل ] فنصحه ، ضرب على قرنه الأيسر فمات . فبعثه الله ، ثم ضرب على قرنه الأيمن فمات فأحياه الله ، وفيكم مثله . وقال : وهب بن منبه كان ذو القرنين ملكاً ، قيل له : لِمَ سمي ذا القرنين ؟ فقال : اختلف فيه أهل الكتاب . فقال : بعضهم ملك الروم وفارس . وقال : بعضهم كان في رأسه شبه القرنين . وقال : بعضهم إنما سمي بذلك لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس . وقيل كانت له ظفرتان . وقيل لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب ، وقيل سمي بذلك لأنه بلغ قرني الشمس . وروى ابن وهب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان يعلق سلاحه بقرن الثريا ، وكان له حمار يضع حافره منتهى بصره . وروي أنه كان يربط ارسَان خيله بقرون الثريا . وقيل كان ذو القرنين يوناني من أهل مصر اسمه مرزبان بن مرزية من ولد يونان بن يافت بن نوح : حكى ذلك محمد بن اسحاق عن أهل الأخبار من الأعاجم . وقال : ابن هشام : اسمه الاسكندر . وهو الذي بنى الاسكندرية فنسبت إلى اسمه . وسمع عمر بن الخطاب رجلاً يقول : يا ذا القرنين . فقال : عمر اللهم عفواً ، أما رضيتم أن تتسموا بالنبيين ، حتى تسميتهم بالملائكة . وذكر ابن وهب إنما سمي بذي القرنين لأنه كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة . وقال : إن الذي كان معه فتاه ليس بموسى الذي كلم الله ، ولكن كان أعلم من على وجه الأرض إلا الملك الذي لقي فدل قوله أن الذي لقي كان ملكاً ولم يكن الخضر . وقوله : { وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } . أي : علماً يتسبب به ، قاله ابن عباس وقتادة وابن جريج وابن زيد والضحاك فمعناه علماً يصل به إلى المسير في أقطار الأرض . وروي أنه كان له خليل من الملائكة فقال : له : صف لي عبادة الملائكة . فقال : منهم ساجد لم يرفع رأسه منذ خلق . ومنهم قائم شاخص يدعو الله عز وجل منذ خلق ، لا يعرف من على يمينه ولا من على شماله . ومنهم راكع لم يرفع رأسه منذ خلق يسبح الله ويحمده و [ يمجده ] ، فقال : له ذو القرنين : لولا قصر عمري لعبدت الله هذه العبادة ، فقال : له الملك : إن لله [ عز وجل نهراً يقال : له نهر ] الحيوان من شرب منه لم يمت حتى ينفخ في الصور النفخة الأولى فيموت مع الملائكة . فخرج / يطلب نهر الحيوان حتى إذا وقع في الظلمة وكان الخضر على مقدمته فأصاب النهر ولم يصبـ [ ـه ] ذو القرنين .