Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 2-6)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } . إلى { وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } . " ذِكْر " مرفوع عند الفراء على خبر { كۤهيعۤصۤ } . ورد هذا القول الزجاج ، لأن { كۤهيعۤصۤ } ليس مما أثنى الله به على زكريا ، وليس " كهيعص " في شيء من قصة زكريا . وقال الأخفش : التقدير : وفيما يتلى عليكم ، ذكر رحمة ربك عبده زكرياء . و [ قيل ] التقدير : هذا الذي يتلى عليك ، ذكر رحمة ربك عبده زكريا . والتقدير : وفيما يتلى عليك يا محمد ، ذكر ربك عبده زكريا برحمته . قوله : { نِدَآءً خَفِيّاً } . أي : دعاه سراً كراهية الرياء . قاله ابن جريج وغيره . وقال السدي : رغب زكريا في الولد ، فقام يصلي ، ثم دعا ربه سراً فقال : " ربِّ إنِّي وَهَنَ العَظْمُ مِنَّي " إلى قوله " واجْعَلْهُ رّبِّ رَضِيّاً " . ومعنى " وَهَنَ الْعَظْمُ " ضعف ورق من الكبر . وقوله : { وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } . أي : كثر الشيب في الرأس . ونصب " شيباً " على المصدر ، لأن معنى اشتعل ، شاب . وقال الزجاج : نصبه على التمييز . أي : اشتغل من الشيب . وروى أبو صالح عن ابن عباس أن زكريا كان من أولاد هارون من أجل أحبار بني إسرائيل ، ثم تنبأه الله جلّ ذكره . قوله : { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً } . أي : لم أشق بدعائي إياك قط ، لأنك عودتني الإجابة إذا دعوتك حاجتي . ثم قال تعالى حكاية عنه : { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى } أي : إني خفت بني عمي وعصبتي من بعدي أن يرثوني . وقيل : " من [ ورائي " : من قدامي ] . قال ابن عباس / : الموالي هنا ، الكلالة الأولياء ، خاف أن يرثوه ، فوهب الله له يحيى . وقيل : إنما خاف أن تقطع النبوة من ولده ، وترجع إلى عصبته من غير ولد يعقوب ، فأجاب الله دعاءه بعد أربعين سنة فيما ذكر ابن وهب وغيره . وقيل : بعد ستين سنة . وقيل : معناه ، خفت بني عمي عن الدين : يعني شرارهم فسأل الله تعالى في ولد يقوم بالدين بعده ، ويرث النبوة من آل يعقوب ، وقال أبو صالح ، خاف موالي الكلالة . والموالي والأولياء سواء في كلام العرب . وقيل للعصبة موالي ، لأنهم يلون الميت في النسب . وروي عن عثمان ( رضي الله عنه ) أنه قرأ { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى } ( بفتح الخاء ، وتشديد الفاء ، وإكسار التاء وإسكان الياء ) وهي قراءة زيد بن ثابت وسعيد بن جبير ، جعل الفعل للموالي ، أي : إني قَلَّتْ الموالي الأولياء من بعدي فليس لي وارث . ثم قال : { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } . أي : هب لي وارثاً ومعيناً يرثني في مالي ، و " يَرِثُ من آل يعقوب " ، يعني النبوة . وكان زكريا ( عليه السلام ) من ولد يعقوب ، وهو زكريا بن آذن ، وعمران بن ماثان من ولد أيوب النبي صلى الله عليه وسلم . من سبط يهوذا بن يعقوب ، وكان زكريا وعمران في زمن واحد ، فتزوج زكريا أشياع بنت عمران أخت مريم ابنة عمران ، واسم أمها - امرأة عمران - حنة . فيحيى وعيسى ابنا خالة . وكان زكريا نجاراً . وكفل مريم بعد موت أبيها ، لأن اختها عنده ، ولأن قلمه خرج دون أقلامهم . فلما حملت مريم بعيسى ، أشاعت اليهود أنه ركب من مريم الفاحشة فقتلوه في جوف شجرة ، فقطعوه وقطعوها معه . قال قتادة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية وأتى على { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } قال : " يرحم الله زكريا ما كان عليه من ورثه ، ويرحم الله لوطاً . إن كان ليأوي إلى ركن شديد . وقال السدي : " يرثني ويرث من آل يعقوب " أي : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب . وقيل : يرث حكمتي ، ويرث نبوة آل يعقوب . وقد أنكر قوم وراثة النبوة إلا بعطية من الله ، ولو ورثت بالنسب لكان الناس كلهم أنبياء ، لأنهم أولاد نبي وهو آدم ونوح . وأنكر آخرون وراثة المال في هذا لقوله صلى الله عليه وسلم : " نحن معشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا صدقة " وهذا الحديث يجب أن يكون حكمه مخصوصاً للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأخبر عن نفسه على لفظ الجماعة . وفي بعض الروايات : " إِنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة " ويحتمل أن تكون هذه شريعة كانت ونسختها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بمنع وراثته . وقال القتبي : معناه : يرثني الحبورة . ثم قال : { وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } . أي : ترضاه أنت ويرضاه عبادك ، ديناً وخلقاً وخُلقاً , وهو فعل مصروف من مفعول . وأصله رضيو ، منقول من مرضي وأصل مرضي ، مرضو . ثم رد إلى الياء لأنها أخف .