Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 46-53)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : قال { أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ } إلى قوله { أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً } . أي : قال أبوه له حين دعاه إلى الإيمان وترك عبادة الشيطان ، أراغب أنت عن عبادة آلهتي يا إبراهيم . { لَئِن لَّمْ تَنتَهِ } عن ذكر آلهتي بالسوء ورغبتك عن عبادتها لأرجمنك " أي : لأسبنك ، قاله قتادة والسدي وابن جريح . وقيل معناه : لأقتلنك . وقيل معناه : لأرجمنك بالحجارة . ثم قال : { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } أي : واهجرني يا إبراهيم حيناً طويلاً . قاله : مجاهد والحسن وعكرمة . فـ " ملياً " ظرف . وقال ابن عباس : معناه : واهجرني سالماً من عقوبتي إياك ، وقاله : قتادة والضحاك . فـ " ملياً " على هذا نصب على الحال من إبراهيم ، واختار الطبري هذا القول ، واختار النحاس القول الأول . و " أراغب " رفع بالابتداء ، و " أنت " فاعل سد مسد الخبر ، ويجوز أن يكون " أنت " مبتدأ ، و " أراغب " خبره مقدم عليه ، وحسن رفع " أراغب " بالابتداء لاعتماد على ألف الاستفهام الذي معناه التقرير . ثم قال تعالى : { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ } . أي : قال إبراهيم لأبيه حين توعده ، وامتنع من الإيمان بما جاء به : سلام عليك " أي : أمنة مني لك أن أعاودك فيما كرهت ، ولكن سأستغفر لك ربي أي : أسأل لك ربي أن يستر عليك ذنوبك { إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } أي : إن ربي عهدته / بي لطيفاً ، يجيب دعائي إذا دعوته . قال ابن عباس وابن زيد : " حفيّاً " لطيفاً يقال حفي به إذا بره ولطف به . قال السدي : { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ } أخره إلى السحر . { يٰإِبْرَاهِيمُ } تمام عند نافع . وإن شئت ابتدأت يا إبراهيم . و " سلام عليك " تمام عند أبي حاتم . و " لك ربي " عند غيره التمام . ثم قال تعالى : { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } . أي : وأجتنبكم وعبادة ما تدعون [ من دون الله ] من أوثانكم وأصنامكم . و { وَأَدْعُواْ رَبِّي } بإخلاص العبادة له { عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } أي : عسى أن لا أشقى بدعاء ربي . ثم قال تعالى : { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } . أي : فحين اعتزل إبراهيم قومه وعباده ما يعبدون من دون الله . { وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } أي : آنسنا وحشته لما فارق قومه ، فوهبنا له إسحاق ، وابنه يعقوب . { وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً } . أي : وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ، جعلناهم أنبياء . روي أنه خرج عنهم إلى ناحية الشام بإذن الله له . ثم قال : { وَوَهَبْنَا لَهْم مِّن رَّحْمَتِنَا } . أي : ووهبنا لجميعهم من رحمتنا . وهو ما بسط لهم من الرزق في الدنيا . { وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } أي : ورزقناهم الثناء الحسن والذكر الجميل من الناس إلى قيام الساعة . قوله : " ويعقوب " وقف . و " نبيئاً " أحسن منه و " علياً " أحسن منهما . ثم قال تعالى : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } . أي : واقصص على قومك يا محمد نبأ موسى ، إنه كان مخلصاً لله عبادته وأعماله كلها . هذه على قراءة من كسر " اللام " في " مخلصاً " ومن فتحها فمعناه : إنه كان مختاراً اختاره الله لكلامه ورسالته . { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } أي : أرسله الله إلى بني إسرائيل ، وتنبأه . ثم قال تعالى : { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } أي : وكلمناه من جانب الجبل الأيمن ، قاله قتادة . وقال الطبري : يعني بالأيمن هنا : يمين موسى ، لأن الجبل لا يمين له ولا شمال . { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } ، أي : وأدنيناه مناجياً . قال ابن عباس : إن الله عز وجل أدناه حتى سمع صريف القلم . وقال أبو صالح : قربه حتى سمع صريف القلم . وعن مجاهد في معنى { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } قال : بين السماء الرابعة أو قال السادسة وبين العرش سبعون ألف حجاب ، حجاب نور وحجاب ظلمة وحجاب نور وحجاب ظلمة ، فما زال يقرب موسى حتى كان بينه وبينه حجاب وسمع صريف القلم ، وقال : أرني أنظر إليك . وقال قتادة : { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } ( نجا بصدقه ) . وقيل معناه : قربناه في الكرامة والرفعة في منزلة رفيعة ، لأن الله تعالى ذكره وجلّ ثناؤه ليس بمحدود ، فيكون بعض الأجسام أقرب إليه من بعض . فهو كلام فيه توسع . فقد يقرب الرجل عبده بإكرامه له ، وإن بعد منه ويبعد عبده الآخر بإهانته له وإن قرب مكانه منه ، فذلك شائع في اللغة . والمعنى : إنا رفعنا قدره بكلامنا له . ثم قال تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً } . أي : وهبنا لموسى - رحمة منا له - أخاه هارون نبياً . أي : أيدناه بنبوته . قال ابن عباس : كان هارون أكبر من موسى ، ولكن أراد أنه وهب له نبوته .