Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 59-61)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } . إلى قوله : { وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } . المعنى : فخلف من بعد من ذكرنا من الأنبياء ، خلف سوء خلفوهم في الأرض . يقال في الردئ " خَلْف " بإسكان اللام ، وفي الصلاح " خَلَفْ " بتحريك اللام . وعن أبي إسحاق ضد هذا . والأول أشهر . ثم قال : { أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ } أي أخروا الصلاة عن مواقيتها ، ولم يتركوها ، ولو تركوها لكان كفراً . قاله عمر بن عبد العزيز : وهو معنى قول ابن مسعود . وكذلك قال ابن مسعود : في قوله تعالى ذكره : { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } [ الماعون : 5 ] إنه تأخيرها عن وقتها . قال مسروق : لا يحافظ على الصلوات الخمس أحد فيكتب من الغافلين . وروى الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الخلف من بعد ستين سنة " . قال أبو محمد مكي رضي الله عنه : وقد ذكر الجعفي في تفسيره عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : هم ناس يظهرون في آخر الزمان من قبل المغرب ، وهم شر من يملك ، وذكر اسمهم . وعن مجاهد ، أن الخلف هنا النصارى بعد اليهود . رواه ابن وهب ، وهو ظاهر الآية لأن بعده " إلا من تاب وآمن " فذكره لشرط الإيمان مع التوبة يدل على أنهم لم يكونوا مؤمنين . وقوله : { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ } قيل : معناه : اتبعوا شهواتهم فيما حرّم الله عليهم . وقال القرظي : أضاعتهم لها ، تركها وهذا القول اختيار الطبري لقوله بعد ذلك : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } فلو كان المضيعون مؤمنين لم يقل : " إلا من تاب وآمن " ولكنهم كانوا كفاراً بتركهم للصلاة والزكاة . وقال مجاهد : هؤلاء قوم يكونون عند قيام الساعة ، وذهاب صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ينزو بعضهم على بعض في الأزقة زنا . وقال عطاء : هم من أمة محمد عليه السلام . ثم قال تعالى : { فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } . يعني : وادياً في جهنم قاله ابن عمر . وعنه أنه قال : هو نهر في جهنم ، خبيث الطعم بعيد القعر . وقال ابن عباس : غياً : خسراناً . وقال ابن زيد : " غياً " شراً . والتقدير : فسوف يلقون جزاء الغي ، كما قال يلق آثاماً أي : جزاء الآثام . وقيل : سمي الوادي غياً لأن الغاوين يصيرون إليه . وقيل : المعنى : " فسوف يلقون غياً " . أي : خيبة من الجنة ، والثواب الذي يناله المؤمنون ، وعذاباً في النار . و " الغي " في اللغة " الخيبة . ثم استثنى فقال : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } دون أولئك . { وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } . أي : ولا ينقصون من جزاء أعمالهم شيئاً . ثم بيّن موضع الدخول فقال : " جنات عدن " أي : إقامة . { ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } أي : وعدهم بها ، وهم لم يروها فصدقوا بذلك . { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } . الوعد هنا بمعنى الموعود . كما قالوا : الخلق بمعنى المخلوق . و " مأتياً " أي : يأتيه أولياؤه ، وأهل طاعته . وقيل " مأتياً " : هو مفعول بمعنى فاعل . قاله ابن قتيبة واستبعده النحاس ، وهو عنده / مفعول من الإتيان ، لأن كل ما وصل إليك فقد وصلت إليه .