Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 70-72)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } إلى قوله { فِيهَا جِثِيّاً } . أي : ثم لنحن أعلم بالذين ننزعهم من كل شيعة فيقدمهم إلى العذاب فيصلونه . " وصلياً " مصدر صلى يصلي صلياً ، على فعول وأصله صلوي : ثم أعل وكسرت اللام . ثم قال : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } . المعنى : وإنّ من هؤلاء القوم ، الذين هذا القول المتقدم قولهم في البعث ، إلا وارد جهنم . { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } . أي : اتقوا الشرك ، وآمنوا بالبعث ، فهي مخصوصة فيمن تقدم ذكره على هذا القول . وقيل : هي عامة . والمعنى : ما منكم أحد إلا يرد جهنم . كان ذلك على ربك يا محمد قضاء مقضياً في أم الكتاب . وقال ابن مسعود وقتادة معناه : قضاءً واجباً . قال ابن عباس : الورود ، الدخول . واحتج بقوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } وبقوله تعالى : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } وقل محتجاً للدخول : دخل هؤلاء ؟ أم لا ؟ . وقاله ابن جريج . وقاله ابن عباس : يردها البر والفاجر . وقيل : إنهم يردونها وهي خامدة . وعن كعب أنه قال : تمسك النار للناس كأنها متن أهالة ، حتى تستوي عليها أقدام الخلق ، برّهم وفاجرهم . ثم ينادي بها مناد امسكي أصحابك ودعي أصحابي . فتخسف بكل ولي لها . فلهي أعلم بهم من الرجل بولده ، وخرج المؤمنون ندية ثيابهم . وقال كعب : ما بين منكبي الخازن من خزنة جهنم مسيرة سنة . وقال ابن مسعود : الورود : الدخول . وقال قتادة : هو الممر عليها . وقيل : الورود هو الجواز على الصراط . والصراط على شفير جهنم مثل حد السيف . فتمر الطبقة الأولى كالبرق ، والثانية كالريح ، والثالثة ، كأجود الخيل ، والرابعة كأجود البهائم . ثم يمرون ، والملائكة يقولون : اللهم سلم سلم . وعن ابن عباس ، أن الورود الدخول ، ولكن المخاطبة للكفار خاصة . وكذلك قال عكرمة . وقال ابن زيد : الورود عام ، للمسلم والكافر ، إلا أن ورود المؤمن المرور . ودل على هذا أن ابن عباس وعكرمة قرآ : وإن منهم إلا واردها يريدان الكفار برد الهاء والميم على ما تقدم من ذكر الكفار . وقرأ ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ } بفتح التاء . إلا أن عليا قرأ " تَنحَّى بالحاء " وكذلك قرأ ابن أبي ليلى بفتح التاء . فورود المؤمن على الجسر بين ظهريها ، وورود الكافر الدخول . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الزالون والزالات يؤمئذٍ كثيرة وقد أحاط بالجسر سماطان من الملائكة ، دعواهم يومئذٍ يا الله سلم سلم " . وقال مجاهد : " الحمى حظ كل مسلم من النار . وقال أبو هريرة : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحابه وعكَ ، وأنا معه . فقال : إن الله جلّ ذكره يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة " . وقال السدي : يردونها كلهم ، ثم يصدر عنها المؤمنون بأعمالهم . وروت حفصة ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية . قالت : فقلت : يا رسول الله ، أليس الله جلّ وعزّ يقول : " وإن منكم إلا واردها ؟ " قال لها : أولم تسمعيه يقول : " ثم نُنَجي الذين اتقوا " " . وقيل : المعنى : وإن منكم إلا وارد القيامة . وهذا اختيار الطبري ودل على هذا قوله : { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } [ الأنبياء : 102 ] وقوله : { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } [ الأنبياء : 101 ] . ودل على هذا أيضاً قوله تعالى / قبل الآية " { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ } فالحشر إنما هو في القيامة . وروى ابن وهب عن زيد بن أسلم أنه قال في تفسير الورود : " وإن منكم يا أهل هذا القول إلا وارد جهنم " . يعني : الذين أنكروا البعث فقالوا : أإذا متنا لسوف نخرج أحياء إنكاراً منهم بالبعث . وقوله : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي : ننجيهم من ورودها فلا يردونها . وقيل : معناه : وإن منكم إلاّ يحضر جهنم ويعاينها ، لا يدخلها إلا من وجب عليه دخولها . ودليله قوله : { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } [ القصص : 23 ] فهو لم يدخل الماء ، إنما حضر قرب الماء وعاينه ، لم يدخله فكذلك هذا ، يحضرون كلهم جهنم ويعاينونها وينجي الله من دخولها المتقين وهو قوله تعالى : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } . ثم قال : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } . أي : ننجي من النار بعد الورود الذين اتقوا الله وأدوا فرائضه ، واجتنبوا محارمه . ثم قال : { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } أي : وندعهم في النار بروكاً على ركبهم . كذا قال قادة . وقال : إن الناس يردون جهنم وهي سوداء مظلمة ، فأما المؤمنون فأضاءت لهم حسناتهم فأنجوا منها ، وأما الكفار فأوبقتهم أعمالهم واحتبسوا بذنوبهم . قال ابن زيد : لا يجلس الرجل جاثياً إلا عند كرب ينزل به .