Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 73-75)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ } إلى قوله { وَأَضْعَفُ جُنداً } . المعنى : أن الكفار من قريش كانوا إذا تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم آيات القرآن ، قالوا للذين آمنوا ( أي الفريقين منا ومنكم خير مقاماً ) أي : خير موضع إقامة ، وهي مساكنهم " وأحسن ندياً " أي [ مجلسا ] . يتركون التفكير في آيات الله والاعتبار بها ويأخذون في التفاخر بحسن المسكن وحسن المجلس . قال ابن عباس : " المقام " المسكن . و " الندي " المجلس . يقال : ندوت القوم أندوهم ندواً ، إذا جمعتهم في مجلس [ واحد ] . ومنه دار الندوة المتصلة بالمسجد الحرام ، لأنهم كانوا يجتمعون فيها إذا كربهم أمر . ومنه قوله : { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } [ العنكبوت : 29 ] ومنه { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } [ العلق : 17 ] أي أهل مجلسه . ويقال : هو في ندي قومه ، وفي ناديهم بمعنى : مجلسهم وندي : جمع أندية . ثم قال تعالى ذكره : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } . أي : وكثيراً يا محمد أهلكنا من القرون هم أحسن أثاثاً ورِئْيا قبل هؤلاء القائلين للمؤمنين : أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً . قال ابن عباس : " الأثاث " : المتاع . " والرئي : المنظر . أي : أحسن متاعاً وأحسن مرئى ومنظراً من هؤلاء فأهلك الله أموالهم ، وأفسد صورهم وكذلك قال ابن زيد ومجاهد : " الأثاث " : المتاع و " الرئي " : المنظر . وقال معمر : أحسن أثاثاً : أحسن صوراً . ورئياً : أموالاً . وروي عن ابن عباس : " أحسن أثاثاً وزياً " بالزاي . وقرأ طلحة " ورياً " خفيفة الياء من غير همز . ومن شدد الياء ، جعله من رأيت ، ولكن خفف الهمزة ، فأبدل وأدغم . ويجوز أن يكون من رويت روية ورياء فيكون معناه أيضاً منظراً ، لأن العرب تقول : ما أحسن روية فلان في هذا الأمر ؟ … إذا كان حسن النظر فيه ، والمعرفة به . ويجوز أن يكون من ري الشارب . فيكون المعنى أن جلودهم مرتوية من النعمة . وأجاز الأخفش أن يكون من ري المنظر . ومن همز جعله من رؤية العين . " والأثاث " جمع واحده أثاثة كالحمام والسحاب . هذا مذهب الأخفش . وقال الفراء : لا واحد له كالمتاع . ثم قال تعالى : { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } . أي : قل يا محمد لهؤلاء القائلين - إذا تتلى عليهم آياتنا بينات - أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً من كان منا ومنكم في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً . فهو لفظ أمر ، ومعناه الخبر . أي جعل الله جزاء ضلالته في الدنيا أن يطول له فيها ، ويمد له كما قال تعالى : { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 110 ] . لأن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر ، كأن المتكلم يلزمه نفسه ، كأنه يقول : أفعل ذلك وآمر نفسي به ، فهو أبلغ . فلذلك أتى به على الخبر . ومعناه : فليعش ما شاء ، وليوسع لنفسه في العمر ، فإن مصيره إلى الموت والعذاب . قال ابن نجيح معناه : فليدعه في طغيانه . ثم قال تعالى : { / حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ } . يعني به النصر ، فيعذبوا بالقتل والسبي . " وإما الساعة " يعني يوم القيامة ، فيصيرون إلى النار . و " إما " للتخيير . وهي عند المبرد إن زيدت عليها " ما " . واستدل على ذلك أن الشاعر إذا اضطر ، جاز له حذف " ما " . وليست عند غيره إلا حرفاً واحداً . ولم يختلفوا فيها في العطف أنها حرف واحد . وقال أبو العباس : إذا قلت ضربت إما زيداً وإما عمراً ، فالأولى دخلت لبنية الكلام على الشك ، والثانية للعطف . وقال ابن كيسان : " إما " : للشك والتخيير ، والواو هي العاطفة . وأجاز الكسائي : إما زيد قائم على النفي بجعل " إما " بمنزلة " ما " . وأجاز الفراء أن تأتي " إما " مفردة بمنزلة " أو " . قوله : { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً } . أي : مسكناً ، منكم ومنهم . { وَأَضْعَفُ جُنداً } أهم ؟ أم أنتم ؟ يعني : إذا نصر الله المؤمنين . فأما قراءة طلحة ، فإنما يجوز على تقدير . القلب وإلقاء حركة الهمزة على الياء بعد القلب .