Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 158-164)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ } . إلى قوله : { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } . الصفا والمروة جبلان متحاذيان بمكة معروفان ، ولذلك دخلت الألف واللام فيهما للتعريف . وجمع الصَّفَا أَصْفَاء كَرَحَا وأَرْحَاء . ويجوز في جمعه : صُفِيٌّ وصِفِيٌّ ، كَعَصَا وَعُصِيُّ وعِصِيٌّ . وجمع مَرْوَة مَرْو [ كَتَمْرَةٍ وَثَمْرٍ ] ، وإن شئت مَرَوَاتٍ كَتَمَراتٍ . والصفا في اللغة الحجارة الصلبة التي لا تنبت شيئاً . والمروة الحصاة الصغيرة . وقوله : { مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ } . أي : من معالم الله التي جعلها لعباده مشعراً يعبدونه عندها إما بالدعاء وإما بالصلاة ، وإما بأداء ما افترض عليهم من العمل عندهما . وقيل : شعائر الله من أعلام الله التي تدل على طاعته من موقف ومشعر ومذبح ، والواحدة شعيرة من " شَعَرْتُ بِهِ " . وكان مجاهد يرى أن الشعائر جمع شعيرة من إشعار الله تعالى عباده ما يجب عليهم من طاعته ، قال : " أَشْعَرْتُهُ بِكَذَا " ، أي : أعلمته به . وقال الطبري : " إنما أعلم الله عباده المؤمنين أن السعي بينهما من مشاعر الحج التي سنّها الله تعالى لهم ، وأمر بها خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم إذ سأله أن يريه مناسك الحج ، وهو [ خبر يراد به ] الأمر لأن الله سبحانه قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين باتباع ملة إبراهيم . ثم قال : { فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } . هذه الآية نزلت في سبب أقوام من المؤمنين قالوا في سبب أصنام كانوا يطوفون بها في الجاهلية قبل الإسلام تعظيماً لها : كيف [ نطوف بها ، وقد ] علمنا أن تعظيم الأصنام وجميع ما كانوا يعبدون من دون الله عز وجل / شرك بالله سبحانه ؟ فلا سبيل إلى تعظيم شيء مع الله عز وجل . فأنزل الله تعالى في ذلك { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } من أول الآية . والجناح الإثم ، مأخوذ من قولهم : " جَنَحَ عَلَيْه " إذا مال ، و " جَنَحَ عَنِ الحَقّ " إذا مال عنه . ومنه سمي جناح الطائر لأنه مائل في ناحية ، وقوله { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } [ القصص : 32 ] : معناه يدك لأنها في موضع الجناح . والهاء في ( عَلَيْهِ ) تعود على ( مَنْ ) . و " من " تصلح للحاج أو المعتمر . قال السدي : " ليس عليه إثم ، ولكن له أجر " . قال الشعبي : " كان على الصفا في الجاهلية صَنَم يسمى " إِسافٌ " ، وعلى المروة وثن يسمى " نَائِلَةٌ " ، فكانوا في الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوَثَنيْن . فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام امتنع المسلمون من الطواف بالصفا / والمروة لأجل الصنمين ، فأنزل الله عز وجل { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ } الآية . وذُكر الصفا لأن الصنم / الذي كان عليه مذكر - يعني إسافاً - وأُنِثَ المروة لأن الوثن التي كانت عليه مؤنثة - يعني نائلة - . وقال أنس بن مالك : " كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما من شعائر الجاهلية حتى نزلت هذه الآية " . وقال عروة : " قلت لعائشة رضي الله عنها - وأنا يومئذ حديث السن - : أرأيت قول الله عز وجل : { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } ، فما أُرى على أحد شيئاً أن لا يطوف بهما " . قالت عائشة : كلا ، لو كانت كما تقول كانت : " فلا جناح عليه ألا يطوف بهما " إنما نزلت هذه الآية في الأنصار ؛ كانوا يهلون لمناة ، وكانت مناة حذو قديد ، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة . فلما جاء الإسلام ، سألوا [ رسول الله ] صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله [ جل ذكره ] : { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ } الآية . وهو قول مجاهد وابن زيد . وعن ابن عباس أنه قال : " كان في الجاهلية شياطين تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة ، وكانت بينهما آلهة . فلما جاء الإسلام قال المسلمون : يا رسول الله : لا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شرك / كنا نضعه في الجاهلية ، فأنزل الله : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } . وقال قتادة : " كان حي تهامة في الجاهلية لا يسعون بين الصفا والمروة ، فأخبرهم الله عز وجل أن الصفا والمروة من شعائر الله " . والحج في اللغة القصد . يقال : " حججت إليه " بمعنى قصدت / إليه . وقيل : الحج التكرر في الإتيان مرة بعد مرة . فمن أكثر الاختلاف إلى شيء فهو حاج . فعلى هذا إنما قيل للحجاج حاج لإنه يتكرر إلى البيت وقت الدخول ووقت الإفاضة وفي غير ذلك . وقيل للمعتمر متعمر ، لأنه إذا طاف انصرف بعد زيارته . فمعنى الاعتمار الزيارة ، وكل من زار إنساناً فهو له معتمر ، يقال : " اعْتَمرْتُ فُلاَناً " ، أي : قصدته . والطواف بين الصفا والمروة عند مالك والشافعي فرض ، فمن نسي ذلك رجع وسعى ، وإن بَعُد ، فإن كان قد أصاب النساء ، فعليه عمرة وهدي مع تمام سعيه إذا رجع . ومذهب الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف أن يجزيه دم إن نسي السعي بينهما ، ولا عودة عليه إلا أن يشاء ذلك . وقال عطاء : " هو تطوع ولا شيء عليه إذا نسي ذلك " . واحتج بأن في قراءة ابن عباس : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } . وكذلك هي في مصحف ابن مسعود . وكذلك روي عن أنس بن مالك أنه قال : " هو تطوع " . وروي ذلك عن مجاهد . والعمل على القول الأول لإجماع المصاحف المعمول عليها ، المجتمع على ما فيها من إسقاط " لا " منها كلها . وإيجابها عن ابن عباس أشهر وأوضح . والإسناد عن أنس ضعيف . وجميع من قرأ على مجاهد من الأئمة المشهورين لم ينقل عنه إلا بغير " لا " . وقد روى جابر عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أنه : " لَمّا دَنَا مِنَ الصَّفَا فِي حَجَّتِهِ قَالَ : " إنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ " ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ " . ثم قال : { وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } . أي : شاكر له على تطوعه ، عليم بما تطوع . وقال ابن زيد : " معناه : فمن تطوع خيراً فاعتمر ، فإن الله شاكر عليم ، والعمرة / تطوع ، والحج فرض " . ثم قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ } . يعني أحبار اليهود وعلماء النصارى كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وتركوا اتباعه مع كونه مذكوراً عندهم في التوراة والإنجيل موصوفاً . وذكر عن ابن عباس أن معاذ بن جبل سأل بعض أحبار اليهود عن ما في التوراة من ذكر النبي عليه السلام فكتموه إياه ، فأنزل الله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } . إلى : { ٱللاَّعِنُونَ } . وهو قول مجاهد . وقال قتادة : " هم أهل الكتاب كتموا الإسلام ، وهو دين الله سبحانه وكتموا محمداً وهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل " . / وقوله : { مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ } . يعني بالكتاب هنا : التوراة والإنجيل . وهذه الآية وإن كانت خاصة لبعض الناس فإنها عامة لكل من سئل عن علم يعلمه فكتمه . وقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] " مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ القِيامَةِ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ " . ثم قال : { أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } . أي : أولئك الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم يلعنهم الله عز وجل بكتمانهم ، أي : يبعدهم الله من رحمته ويطردهم . وقوله : { وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } . قيل : معناه : ويسأل ربَّهم اللاعنون أن يلعنهم لأن كل لاعن إنما يقول : " اللهم العن هذا " . وقيل : اللاعنون البهائم ؛ إذا أسْنَتَتِ السَّنَةُ ، قالت البهائم : " هذا من أجل عصاة بني آدم ، لعن الله عصاة بني آدم " . وقال عكرمة : " يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب / يقولون : منعنا القطر بذنوب بني آدم " . وإنما جُمِعَ جَمْعَ السلامة على هذا القول ، وهو ما لا يعقل لأنه لما أخبر عنهم بمثل ما يخبر عن بني آدم جمعهم كما يجمع بني آدم . وقال قتادة : " اللاعنون هنا : " الملائكة والمؤمنون " . وقاله الربيع . قال مقاتل " اللاعنون كل ما على وجه الأرض إلا الثقلين : الجن والإنس ، وذلك أن الكافر إذا أدخل قبره ضربته / الملائكة بمقمعة حين تقول له : من ربك ؟ فيقول : لا أدري ، فيصيح صيحة يسمعها كل ما على وجه الأرض من غير الجن والإنس ، فلا تَقِر تلك الصيحة في سمع شيء إلا لعنه " . قال مجاهد : " اللاعنون البهائم " . ولما وصفت باللعنة : جاز جمعها بالواو والنون ، وإن كانت لا تعقل . وله نظائر كثيرة . وقيل : / اللاعنون الملائكة الذين يسوقون أهل الكفر إلى النار . والهاء في { خَالِدِينَ فِيهَا } تعود على اللعنة . واللعن أصله الطرد والبعد من الرحمة . قال مقاتل : " اللعنة النار " . وحسن ذلك عنده لما كانت عاقبة اللعنة المصير إلى النار . وقال السدي : " اللاعنون ما عدا بني آدم والجن " . وروي عن البراء بن عازب : " أن الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كأن عينيها قدران من نحاس ، معها عمود من حديد ، فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح ، فلا يسمع أحد صوته إلا لعنه ، ولا يبقى شيء إلا سمع صوته إلا الثقلين : الجن والإنس " . / وهو قول الضحاك . ويروى عن ابن مسعود أنه قال : " اللاعنون : الاثنان إذا تلاعنا ألحقت اللعنة مستحقها منهما ، فإن لم يستحقها واحد منهما رجعت على اليهود " . وقيل : هذه اللعنة إنما تكون يوم / القيامة كما قال تعالى : { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [ العنكبوت : 25 ] . ثم قال تعالى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ } . أي تابوا من الكفر وأصلحوا أعمالهم فيما بينهم وبين الله عز وجل ، وبيّنوا للناس أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو عندهم في كتابهم موصوف . وقيل : المعنى : وبيّنوا التوبة بإخلاص العمل . ثم قال : { فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } : أي : أقبل توبتهم . { وَأَنَا التَّوَّابُ } : أي على من تاب . { الرَّحِيمُ } أي رحيم بالخلق أن أعذبهم بعد توبتهم من كفرهم . ثم قال : { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ } . أي : أبعدهم الله وأسحقهم من رحمته . { وَٱلْمَلاۤئِكَةِ } : أي ولعنة الملائكة . { وَٱلنَّاسِ } : يعني قول الناس : { عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ } . وعني بالناس أجمعين هنا المؤمنون خاصة . قاله قتادة والربيع . وعن أبي العالية أن ذلك يكون يوم القيامة ، قال : " إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله ، ثم تلعنه الملائكة ، ثم يلعنه الناس أجمعون " . وهو اختيار الطبري واحتج بقوله تعالى : { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [ هود : 18 ] . وقال السدي في قوله : { وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } : " أنه لا يتلاعن إثنان مؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما : " لعن الله الظالم " إلا وجبت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم ، فكل واحد من الخلق يلعنه " . ثم قال تعالى : { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } . أي : خالدين في جهنم باللعنة ، لا يخفف عنهم العذاب يوم القيامة ولا هم ينظرون لمعتذرة يعتذرون بها كما قال : { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [ المرسلات : 35 ] { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] . قاله أبو العالية . [ و ] إنما جاء لفظ { ٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } بلفظ العموم ، وقد علم أن أهل دينهم لا يلعنونهم لأنهم وإن كانوا لا يقصدون باللعنة أهل دينهم فلا بد لهم أن يقولوا : " لعن الله الظالم " أو " الظالمين " فيدخل في ذلك كل كافر كائناً من كان . ثم قال : { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } . أي : معبودكم أيها الناس واحد ، لا معبود غيره يستحق العبادة . { ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } / أي : الرحمن بجميع خلقه ، الرحيم بأوليائه . ومعنى " واحد " في صفته ونعته وأنه لا شبيه له ولا نظير . وليس معناه واحداً في العدد لأن كل مفرد من المخلوقات واحد في العدد ، فالمعنى أنه من فرد واحد في الألوهية والقدرة والصفات [ لا ثاني ] له . ثم قال : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } الآية . هذه الآية فيها تنبيه من الله عز وجل لخلقه على قدرته ونعمه . والآية دالة على توحيده المقدم ذكره في الآية الأولى . والمعنى : إن في رتبة هذه الأشياء وحدوثها وإحكام صنعتها لعلامات بينة ، ودلالة واضحة على توحيد خالقها وإيجاب العبادة له دون غيره لقوم يعقلون . وروي أن قوله : { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } الآية ، لما نزلت ، قال المشركون : " ما البرهان على ذلك ونحن ننكر ذلك ، ونزعم أن لنا آلهة كثيرة ؟ فأنزل الله : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الآية ، احتجاجاً عليهم فيما ادّعوا . هذا قول عطاء . والمعنى بهذه القدرة والآيات تعلمون أن الإله إله واحد لا تجب العبادة إلا له . وقال أبو الضحى : " لما نزلت : { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } الآية ، قال المشركون : إن كان هذه هكذا ، فليأتنا بآية . فأنزل الله : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الآية . وروى ابن جبير " أن قريشاً سألت / اليهود عما جاءهم به موسى / من الآيات / فحدثوهم بالعصا وبيده بيضاء ، وسألوا النصارى عما جاءهم به عيسى صلى الله عليه وسلم من الآيات ، فحدثوهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله . فقالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : " ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً ، فنزداد يقيناً ونتقوى به على / عدونا " . فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربّه ، فأوحى الله عز وجل إليه : " إني أعطيهم أن أجعل لهم الصفا ذهباً ، ولكن إن كذبوا بعد ، عذبتهم عذاباً لم أعذبه أحداً من العالمين " . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دَعْنِي وَقَوْمِي فَأَدْعُوهُم يَوْماً بِيَوْمٍ فَأَنْزَلَ الله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } " الآية . أي : إن في ذلك لآية لهم إن كانوا يريدون أن أجعل لهم آية . وقاله السدي وغيره .