Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 165-169)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً } إلى قوله : { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . أي : ومن الناس من يعبد آلهة / وأصناماً من دون الله ، يحبون الأصنام كحبهم لله . أي يُسوّون بين الله وبين الأصنام في المحبة ، والمؤمنون أشد حباً لله من الكفار لآلهتهم . وجاءت الهاء والميم للأصنام وهي لا تعقل لأنها كانت عندهم ممن يعقل ويفهم ، فخوطبوا على ما كان في ظنهم فأجريت مجرى من يعقل بالهاء والميم . قال ابن مسعود : " قال رسول الله [ عليه السلام ] : " مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لله نِداً ، أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ " ، وأنا أقول : " من مات لا يجعل لله نداً ، أدخله الله الجنة " . وقيل : المعنى : يحبون الأصنام كحبكم أنتم الله ، وأنتم أشد حباً لله من الكفار لآلهتهم . وقيل : جاء ضمير الأصنام بالهاء والميم ، وهي لا تعقل لأنهم لما عبدوها أنزلوها منزلة من يعقل . وقال السدي : " الأنداد هنا ساداتهم الذين كانوا يطيعونهم كما يطيعون الله . ثم قال : { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } . أي : ولو ترى يا محمد الذين كفروا وظلموا أنفسهم حين يرون عذاب الله لرأيت أمراً عظيماً ، ولعلمت أن القوة لله جميعاً . فجواب " لو " محذوف ، وفتح " أن " على تقدير فعل محذوف وهو جواب " لو " . وقيل : إن " أنْ " فتحت بـ " تَرَى " . وهو قول المبرد والأخفش . و " ترى " بمعنى تعلم ، التقدير : " ولو يعلم الذين ظلموا جميعاً لتبينوا ضرر اتخاذهم الآلهة دون الله " . وهذا إنما يكون على قراءة من قرأ بالياء . وقيل : معنى : " ترى " تنظر ، وأن التقدير : ولو تنظر يا محمد الذين ظلموا حين يرون العذاب لأقروا أن القوة لله . وقيل : فتحت " إن " على تقدير اللام أي : لأن القوة لله ، والجواب أيضاً محذوف تقديره : لعلموا مبلغ عذاب الله ونحوه . ومن كسر " إِنّ " كسرها على الابتداء ، وجواب " لو " محذوف أيضاً . وقيل : إنَّ كسرَها على إضمار القول أي : " يَقولونَ : إِنَّ القُوَّةَ للهِ " . ثم قال تعالى : { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } . والمعنى : وإِن الله شديد العذاب حين تبرأ الذين اتُّبعوا - وهم سادات الكفار وأهل الرأي منهم الجبابرة - من الذين اتَّبعوا - وهم أتباع السادات . { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } : أي : ورأى الجميع / عذاب الله وذلك كله في القيامة . { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } . يعني القرابات التي كانت بينهم في الدنيا والصداقات فلم ينتفعوا . هذا قول قتادة وعطاء والربيع . والهاء في " بِهِمْ " ترجع على التابعين والمتبوعين . وكذلك الهاء في " يُرِيهِمْ " و " أعْمالِهمْ " . وقال السدي : " الذين اتبعوا هم / الشياطين تبرأُوا في القيامة ممن اتبعهم من الإنس " . وقيل : الآية عامة في كل من اتبع على شرك تبرأوا في الآخرة ممن اتبعهم . قال مجاهد : " الأسباب : الوصايل والمودة " . وقاله ابن عباس . قال قتادة : " صارت مواصلتهم في الدنيا عداوة يوم القيامة " . قال تعالى ذكره : { يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [ العنكبوت : 25 ] . وقال : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 67 ] . وعن ابن عباس أيضاً : " أن الأسباب هي المنازل التي كانت لهم من أهل الدنيا " . وعنه أيضاً : " الأسباب : الأرحام " . وقال السدي : " الأسباب الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا " . وقاله ابن زيد . { تَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } : أعمال أهل التقوى . وقيل : أعطوا [ أسباب أعمالهم السيئة ، وتقطعت بهم أسباب ] أعمال أهل التقوى . وأصل " السبب " الحبل يتعلق به إلى الحاجة التي لا يوصل إليها إلا بالتعلق ، ثم يقال لكل ما هو سبب إلى حاجة : سبب وإن لم يكن حبلاً . ثم قال تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ } . أي : وقال الأتباع : لو أن لنا رجعة إلى الدنيا فنبرأ من هؤلاء القادة الجبابرة الذين اتبعناهم في الدنيا على الشرك كما تبرأوا منا الآن . ثم قال { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ } / . أي : كما أراهم الله العذاب وتبرأ بعضهم من بعض كذلك يريهم / أعمالهم حسرات عليهم : أي ندامات . والمعنى : كذلك يريهم الله عذاب أعمالهم السيئة ليتحسروا على عملها . قاله الربيع وابن زيد . وهو اختيار الطبري . وقيل : المعنى : كذلك يريهم الله ثواب أعمالهم التي افترضها الله عليهم في / الدنيا فضيعوها ، ولم يعملوا بها ليتحسروا على تركها . قال السدي : " يرفع الله لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أنهم أطاعوا الله ، فيقال لهم : تلك مساكنكم لو أطعتم الله ، ثم تقسم بين المؤمنين فيريهم الله ذلك ، فذلك حين يندمون " . وقال ابن مسعود : " ليس من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار وهو يوم الحسرة ؛ فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال لهم : لو عملتم ، فتأخذهم الحسرة . ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار ، فيقال لهم : لولا أن الله مَنَّ عليكم " . فالمعنى على هذا : كذلك يريهم الله ثواب أعمالهم التي كانت / تلزمهم في الدنيا فتركوها وضيعوها حسرات عليهم . والحسرة في اللغة : أشد الندامة . ثم قال : { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } . أي : ليسوا يخرجون من النار أبداً ، يعني به القوم الذين تقدمت صفتهم وتبرأ بعضهم من بعض ، وتمنى بعضهم الرجعة إلى الدنيا . وهذه الآية تدل على فساد قول من زعم أن عذاب الله عز وجل للكفار له نهاية . وقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } . أي : كلوا مما أحل الله لكم من الأطعمة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : / { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } . قال ابن عباس : " خطواته : عمله " . وقال مجاهد : " خطاياه " . وهو قول قتادة والضحاك وابن زيد . أي : خطاياه التي يأمر بها ويدعو إليها . وقال السدي : " خطوات الشيطان : طاعته " . وقال أبو مجلز : " هي النذور في المعاصي " . قوله : { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } . أي : ظاهر العداوة ، فالمعنى : النهي عن اتباع ما يدعو إليه الشيطان مما هو خلاف لطاعة الله عز وجل . ثم قال تعالى : { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ } . أي بما يسوؤكم ، ولا تسركم عاقبته . { وَٱلْفَحْشَآءِ } : أي : ما فحش ذكره مثل الزنا والكفر . قال السدي : " السوء : المعصية ، والفحشاء : الزنا " . ثم قال تعالى : { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . أي ويأمركم أن تقولوا ذلك ، وهو تحريم البحائر والسوائب والوصائل والحوام التي كانت أهل الجاهلية تحرمه ، ولم يأمر الله بذلك .