Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 23-23)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ } الآية . أي إن كنتم أيها الناس في شك من القرآن أنه ليس من عند الله فأتوا بسورة من مثل القرآن . وقيل : من مثل محمد صلى الله عليه وسلم في صدقه وأمانته . وقال ابن كيسان : " معناه أنهم زعموا أن محمداً شاعر وأنه ساحر ، فقيل : إيتوا بسورة من مفترٍ أو من شاعر أو من ساحر . وقيل : معنى : " من مثله " من مثل التوراة والإنجيل . والاختيار / عند الطبري أن يكون معناه من مثل القرآن في بيانه ، دليله قوله تعالى في موضع آخر : { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } [ يونس : 38 ] . ولا يحسن هنا إلا مثل القرآن . فحمل الآيتين على معنى واحد أولى . ولم يعن بقوله : { مِّن مِّثْلِهِ } إذا جعلت / الهاء للقرآن في التأليف والمعاني لأنه لا مثل للقرآن إنما عني { مِّن مِّثْلِهِ } في البيان لأن الله أنزله بلسان عربي مبين . فقيل لهم : كلامكم فيه البيان ، وهذا القرآن فيه البيان فأتوا من كلامكم بسورة مثل القرآن في البيان ، فأما التأليف والمعاني والرَّصف ، فهي معان ، بَايَن القرآن فيها المخلوقات ، فلا مثل له في ذلك ، يضاف إليه فاعلمه . وفي اشتقاق السورة أربعة أقاويل : - قيل : / سميت سورة لأنها يرتفع بها من منزلة إلى منزلة ، ويشرف فيها / قارئها وحافظها على ما لم يكن عنده من العلم كإشرافه على سور البناء ، فهي [ منزلة رفعة ] . كما قال : ألَمْ تَرَ أنَّ الله أعْطَاكَ سورة . أي منزلة في الشرف . - والثاني : إنما قيل لها سورة : لتمامها وكَمَالِهَا . يقال للناقة التامة : السورة . - والثالث : إنما سميت سورة لشرفها وارتفاعها في القَدْرِ ، كما يقال لما ارتفع من البناء على هيئة سور . - والرابع : إنما سميت سورة لأنها بقية من القرآن وقطعة منه : يقال : " أَسْأَرْتُ في الإناء سُؤراً ، أي أبقيت فيه بقية ، " ودخل فلان في سائر الناس " أي في بقاياهم . فيكون أصله على هذا القول الرابع الهمز . قوله : { وَٱدْعُواْ شُهَدَآءَكُم } . أي ادعوا آلهتكم للمعونة على الإتيان بسورة من مثل القرآن . وقيل : شهداءكم . معناه : أعوانكم على ما أنتم عليه . وقيل : معناه : ادعوا شهداءكم إذا أتيتم بالسورة يشهدون لكم أنها مثل القرآن . ومعنى ادعوهم : استعينوا بهم . وقيل : الشهداء / العلماء ، أي استعينوا بهم على ذلك ، وواحد الشهداء شهيد ، وواحد الشهود شاهد ، وواحد الأشهاد شهيد وشاهد أيضاً ، وهو من نوادر الجموع . فإن قيل لك : قد قال الله تعالى لهم في موضع آخر : { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } [ هود : 13 ] وهم قد عجزوا عن الإتيان بسورة ، وإنما يطالب من عجز عن الشيء بأقل منه لا بأكثر . - فالجواب عن ذلك أن قوله تعالى : { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ } [ هود : 13 ] ، نزل قبل : { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ } لأن الأول مكي وهذا مدني ، فلما عجزوا عن عشر سور ، قيل لهم : فأتوا بسورة . وقيل : إنما طولبوا في البقرة بسورة من مثله غير محدودة / في مدح و [ لا ] ذم ولا تعظيم ولا غيره ، بل تجمع معاني كما تجمع ذلك سور القرآن ، وكلفوا في العشر السور أن تكون مفتريات ، ومن كلف معنى واحداً أخف ممن كلف معاني لا تحصى ولا تدرك . فالتكليف في سورة البقرة أثقل وأضعف ، وإن كانت سورة واحدة ، وهو في هود أخف ، وإن كان بعشر سور لأنها في معنى واحد وقع بها التكليف في هود ، وفي معان كثيرة وقع بها التكليف في البقرة .