Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 111-114)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ } إلى قوله : { زِدْنِي عِلْماً } . قال ابن عباس : { عَنَتِ } : ذلت أي : استسلمت . وقال مجاهد : { عَنَتِ } خشعت . وقال طلق بن حبيب : هو وضعك جبهتك وأنفك وركبتك وكفيك وأطراف قدميك في السجود . فهذا يراد به أنها عنت في الدنيا ، والأقوال غير هذا يراد بها الآخرة . وقال ابن زيد : { عَنَتِ } استأسرت للحي القيوم . أي : صاروا أسارى . وقال الفراء : { عَنَتِ } الوجوه نصبّ وعملته ، والعاني الأسير . وهذا قول أهل اللغة ، أن العاني الأسير ، سمي بذلك لأنه يذل ويخضع . ومنه الحديث : " النساء عندكم عوان " ومنه : افتتحت الأرض عنوة ، ومنه : عنيت فلانا . ثم قال تعالى : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } . أي : قد خسر من حمل يوم القيامة شركاً بالله ، قاله : قتادة وابن زيد وغيرهما . ثم قال تعالى : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } . أي : مَن يؤد الفرائض التي افترض الله عليه ، وهو مصدق بالله وملائكته وكتبه ورسله ، فلا يخاف ظلماً ، أي : لا يخاف أن تحمل عليه سيئات غيره ويعاقب عليها . { وَلاَ هَضْماً } أي : نقصاً من ثوابه . قاله قتادة وغيره . ومن قرأ : فلا يخف بالجزم ، جعله نهياً ، نهاه الله جل ذكره عن الخوف من أن يصيبه ظلم أو هضم . وقال ابن جريج / : { ٱلصَّالِحَاتِ } هنا : الفرائض . وقال الضحاك : { وَلاَ هَضْماً } : هو أن يقهر الرجل الرجل بقوته وأصل الهضم ، الانتقاص . يقال : هضمني فلان حقي ، أي : نقصني ، ومنه امرأة هضيم الكشح ، أي : ظاهرة البطن . وهذا دواء يهضم الطعام . أي : ينقصه ، فيزول ثقله . ثم قال تعالى ذكره : { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } . المعنى : كما رغب أهل الإيمان في صالح الأعمال فوعدهم ما وعدهم ، كذلك حذر بالوعيد أهل الكفر ، فقال : { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } أي : أنزلناه بلغتكم أيها العرب لتفهموه . { وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } أي : وخوفناهم بضروب من الوعيد { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ما فيه من الوعيد أو يحدث لهم ذكراً فينقلبون عما هم مقيمون عليه من الكفر بالله ، يعني : أو يحدث لهم القرآن ذكراً . قال قتادة : " ذكرا " : ورعاً . وقيل : معناه : أو يحدث لهم شرفاً بإيمانهم به ، كما قال : { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } أي : شرفكم إن آمنتم به . روي ذلك أيضاً عن قتادة . ثم قال تعالى ذكره : { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } أي : فتعالى الله الذي له العبادة من جميع خلقه ، ملك الدنيا والآخرة جميعاً على ما يصفه به المشركون من خلقه . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } . أي : لا تعجل بالقرآن فتقرئه أصحابك أو تقرأه عليهم من قبل أن يقضى إليك وحيه ، أي : بيان معانيه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يكتب القرآن أو يتلوه على أحد حتى يبينه له ، قاله : ابن عباس وقتادة . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعجل القراءة من قبل أن يفرغ جبريل مما يأتيه به ، خوف النسيان . ومنه { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } [ القيامة : 16 ] . { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } أي : زدني علماً إلى ما علمتني . أمره الله تعالى أن يسأل ذلك . وذكر ابن وهب أن الحسن قال : أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : " إن زوجي لكم وجهي " قال لها : بينكما القصاص ، فأنزل الله تعالى : ولا تعجل بالقرآن … الآية . فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت : { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } [ النساء : 34 ] .