Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 115-119)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ } إلى قوله : { وَلاَ تَضْحَىٰ } . المعنى : أن يترك هؤلاء المشركون أمري ، ويتبعوا أمر عدوهم إبليس ، فقديماً فعل أبوهم آدم ذلك . فلقد عهدنا إليه أن إبليس عدوه ، فنسي ، وأطاعه ، أي : فترك ما عهد إليه ، وأطاع إبليس إذ وسوس إليه . قال ابن عباس ومجاهد : " نسي " ترك أمر الله . وقال الحسن : " نسي " : ترك ، ولو كان من النسيان ، لم يكن عليه شيء . وقال ابن زيد : العهد الذي عهد الله جلّ ذكره إلى آدم هو قوله : { إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ } أي : نسي العداوة التي أعلم بها . وقيل : قول عدوه ، فيكون نسي من النسيان على هذا القول لا من الترك . وقال ابن عباس : إنما سمي الإنسان إنساناً لأنه عهد إليه فنسي . ثم قال تعالى : { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } . قال قتادة : { عَزْماً } : صبراً . وقال عطية : { عَزْماً } حفظاً لما أمر به . وروي ذلك عن ابن عباس . وقال ابن زيد : " العزم " : المحافظة والتمسك بأمر الله . وعن ابن عباس : { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } أي لم نجعل له عزماً . قال أبو أمامة : لو أن أحلام بني آدم ، يعني : عقولهم جمعت منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة ، وضعت في كفة ميزان . ووضع حلم آدم في الكفة [ الأخرى ] لرجح حلمه بأحلامهم . وقد قال الله تعالى ذكره { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } . وقيل : المعنى : " ولم نجد له عزما " على ترك المعصية . وأصل العزم في اللغة ، اعتقاد القلب على الشيء ، فيكون المعنى على هذا ، ولم نجد له عزم قلب على الصبر على الوفاء لله بما عهد إليه . ثم قال تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ } أي : واذكر يا محمد ، إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم : أي اجعلوه قبلة لأنهم أمروا بالعبادة له والسجود له دون الله ، فسجدوا إلا إبليس أبى . وهذا تذكير من الله تعالى لنبيّه بما كان من قصة آدم ، وأن أولاده لن / يعدوا أن يكونوا على مناهجه في ارتكاب المعاصي إلا من عصمه الله . ثم قال تعالى : { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ } . ولذلك لم يسجد لك وخالف أمري . { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } . أي : لا تطيعاه فيما يأمركما به فيخرجكما من الجنة . أي : فيكون عيشك من كد يمينك ، فهو من شقاء الدنيا لا من شقاء الآخرة . قال ابن جبير : أهبط إلى آدم ثور أحمر ، فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه ، فذلك قوله : " فتشقى " فكان ذلك شقاؤه . وجرى الخطاب لآدم وحده ، إذ قد علم أن حكم حواء حكمه ، ولأن ابتداء الخطاب كان لآدم وحده في قوله " يا آدم إن هذا عدو لك " ولأن التعب في المعيشة في الدنيا على الرجل يجري أكثره ، فخصّ بالخطاب لذلك . ثم قال تعالى : { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } . أي : إن لك الشبع في الجنة والكسوة والري والسترة . ومعنى " ولا تضحى " لا يصيبك حرّ الشمس ، ولا تظهر إليها ، لأن الشمس جعلها الله دون الموضع الذي كان فيه ، فليس في الجنة شمس ولا في السماء السابعة . " والظمأ " العطش ، مقصور مهموز . والظمى مقصور غير مهموز سعة في الشفتين . وقد قال ابن عيينة في الآية ، أنه يراد بها الأرض . فالهاء في " فيها " في الموضعين تعود على الأرض ، وهي في القول الأول تعود على الجنة .