Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 22-35)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } إلى قوله : { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } . المعنى : واضمم يا موسى يدك ، فضعها تحت عضدك . وقال مجاهد : " إلى جناحك " كفه في عضده . يقال لآخر العضد ، إلى مبتدأ الإبط جناح . وقيل : أمر أن يدخل يده في ثيابه مما يلي صدره وعضده ، ففعل ، ثم أخرجها بيضاء لها شعاع ونور . وقال أبو عبيدة : " إلى جناحك " إلى ناحية جنبك . والجناحان الناحيتان . وقيل : " إلى جناحك " إلى صدرك ، ففعل ، فخرجت يده نوراً ساطعاً تضيء بالليل كضوء الشمس والقمر ، فهي له آية أخرى مع العصا . أي : علامة على قدرة الله وصحة نبوته . ومعنى : { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } من غير برص . وقال مجاهد : كان موسى رجلاً آدم ، فأدخل يده في جيبه ثم أخرجها بيضاء من غير سوء أي من غير برص مثل الثلج ، ثم ردها فخرجت كما كانت على لونه . وقوله : { آيَةً أُخْرَىٰ } أي : دلالة أخرى على العصا . وقوله : " بيضاء " نصب على الحال . " وآية " بدل من بيضاء عند الأخفش . وقال الزجاج : هي نصب بإضمار فعل تقديره " آتيناك آية أخرى " . وقيل : " آية " حال أيضاً ، لأنه بمعنى مبينة . ثم قال تعالى : { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } . أي : لنريك من آياتنا العجائب . ثم قال : { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } . أي : تجاوز قدره ، وتمرد على ربه . وفي الكلام حذف . والتقدير : اذهب إلى فرعون إنه طغى فادعه إلى توحيد الله وطاعته ، وإرسال بني إسرائيل معك . وقوله : { قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } . أي : افسح لي صدري لأعي عنك ما تودعه من وحيك ، وأجترئ به على خطاب فرعون . { وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } . أي : سهّل عليّ القيام بما كلفتني من الرسالة والطاعة . { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي } . أي : واطلق لساني للمنطق . قيل : كانت في لسانه عجمة عن الكلام من أجل الجمرة التي كان ألقاها إلى فيه يوم همّ فرعون بقتله . قال ابن جبير : " عقدة من لساني " عجمة بجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة فرعون ، ترد به عنه عقوبة فرعون حين أخذ موسى بلحيته ، وهو لا يعقل . فقال فرعون : هذا عدو لي فقالت له امرأته : إنه لا يعقل . وكذلك قال مجاهد . وقال السدي : لما تحرك الغلام - يعني موسى صلى الله عليه وسلم - أرته أمه آسية . فبينما هي ترضعه وتلعب به ، إذ ناولته فرعون وقالت : خذه . فلما أخذه ، أخذ موسى بلحيته فنتفها . فقال فرعون : علي بالذباحين . فقالت آسية : لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً . إنما هو صبي لا يعقل ، وإنما صنع هذا من صباه ، وقد علمت أنه ليس في أهل مصر أحلى مني . أنا أضع له حلياً من الياقوت وأضع له جمراً . فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه ، وإن أخذ الجمرة فإنما هو صبي , فأخرجت له ياقوتاً ووضعت له طستاً من جمر ، فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة ، فطرحها موسى صلى الله عليه وسلم في فيه فأحرقت لسانه . فهو الذي يقول الله { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } أي يفهموا عني ما أقول لهم ، وأبلغهم عنك . ففعل الله به ما سأل . وقيل : إنه إنما زال بعض ما كان في لسانه من الحبسة ولم يزل كله بدلالة قول فرعون { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } [ الزخرف : 52 ] وقد يجوز أن يكون كان هذا قبل أن يزيل الله ما كان به ، ثم أزاله كله بعد ذلك . والله أعلم . وقوله تعالى : { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } [ طه : 36 ] . يدل على أنه أزال عنه كل ما سأل ، وأعطاه كل ما سأل . ثم قال تعالى : { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي } { هَارُونَ أَخِي } / . وكان هارون أكبر من موسى . والوزير هو الذي يلجأ إليه في الأمور . مشتق من الوزر ، وهو الملجأ . والجبل وَزَرْ . وقيل : " الوزير " الذي يتقلد خزائن الملك وأمتعته . فيكون مشتقاً من الوزار ، وهي الأمتعة ، ومنه قوله { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ } أي : آنية الفضة والذهب . وقيل : " الوزير " : الذي يتحمل أثقال الملك ، ومنه قيل للذنب : وزره ، فمعنى : { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً } أي : صاحباً ألجأ إليه وأعتمد عليه . وقوله : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } . أي : ظهري : وقيل للظهر أزر ، لأنه محل الأوزار . وقوله : { وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } . أي : اجعله نبياً مثلي ، وأرسله إلى فرعون معي . هذا على قراءة من جعله كله طلباً بفتح همزة " وأشركه " ، فأما من جعله جواباً للطلب ، وضم الهمزة ، فمعناه : أن يجعل لي وزيراً أشدد أنا به ظهري وأشركه أنا في أمري . ثم قال : { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً } أي : نعظمك بالتسبيح . { وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً } ، فنحمدك . { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } أي : كنت بنا ذا بصر منا ، لا يخفى عليك من أفعالنا شيء . وقيل : المعنى : إنك كنت عالماً بما يصلحنا . وروى زيد بن أسلم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم موسى قال : يا رب ، قد أنعمت عليّ كثيراً ، فدلني على أن أشكرك . قال : اذكرني كثيراً فإنك إذا ذكرتني فقد شكرتني . وإذا نسيتني فقد كفرتني . قال : لي مواطن ينبغي أن أذكرك فيها . قال : اذكرني كثيراً . قال : فكان موسى عليه السلام إذا دخل الغائط ، قال : سبحانك ربي كما توقني الأذى . من رواية ابن وهب .