Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 65-70)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } إلى قوله : { هَارُونَ وَمُوسَىٰ } . أي : قال السحرة : { يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } . وفي الكلام حذف ، والتقدير : فأجمعت السحرة كيدهم ثم أتوا صفاً ، فقالوا : { يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ } . وكان السحرة يومئذ فيما ذكر ابن أبي بزة سبعين ألفاً ، مع كل ساحر منهم حبل وعصاً . فألقوا سبعين ألف / عصاً ، وسبعين ألف حبل . وقيل : كانت حبالهم وعصيهم حمل ثلاث مائة بعير ، فصار جميع ذلك في بطن الحية ، ثم رجعت عصاً كما كانت في يد موسى فألقى موسى عصاه ، فإذا هي ثعبان مبين ، فابتلع حبالهم وعصيهم ، فألقي السحرة عند ذلك سجداً ، فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلها ، فعند ذلك قالوا : لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات . وقال السدي : " كانوا بضعاً وثلاثين ألفاً ، مع كل واحد حبل وعصاً " . وقال وهب بن منبه : " كانوا خمسة عشر ألفاً مع كل ساحر حباله وعصيه " . وقال ابن جريج : كانوا تسع مائة : ثلاث مائة من العريش ، وثلاث مائة من الفيوم ، وثلاث مائة من الاسكندرية . ثم قال تعالى : { قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } . أي : قال لهم موسى : بل ألقوا أنتم أولاً : ما معكم إن كنتم على حق . وفي الكلام حذف . أي : فألقوا ما معهم من الحبال والعصي ، فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . قيل : " إن السحرة سحروا أعين الناس ، وعين موسى قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم ، ثم ألقوها ، فخيل إلى موسى صلى الله عليه وسلم حينئذ أنها تسعى " قاله وهب بن منبه . وقوله تعالى : { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } . أي : أحس ووجد موسى خوفاً في نفسه . قيل : إنه خاف أن يفتن الناس بما صنعوا قبل أن يؤمر بإلقاء عصاه . وكان السحرة في ناحية بالبعد من الناس ، وكان فرعون وجنوده في ناحية ، وموسى وهارون صلى الله عليهما وسلم في ناحية . وقيل : إنما خاف لما أبطأ عليه الوحي بالأمر بإلقاء العصا ، فخاف أن ينصرف الناس قبل أن يؤمر بإلقاء عصاه فيفتتنون ، فأوحى الله تعالى إليه : { لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } أي : لا تخف على انصراف الناس وافتتانهم قبل أن تلقي عصاك فأنت الغالب . ثم قال : { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ } يعني العصا { تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ } ، فألقاها فتلقفت حبالهم وعصيهم ، وكانت حمل ثلاث مائة بعير ، ثم عادت عصا لا يعلم أحد أين ذهبت الحبال والعصي ، إلا الله . وهذه آية تشتمل على آيات ، منها : انقلاب العصا ثعباناً ، ومنها : ابتلاعها لحمل ثلاث مائة بعير من حبال وعصي . وأعظمها : أنها عادت عصا يحملها موسى في يده كما كانت أولاً ، وتلاشى وقر ثلاث مائة بعير بقدرة الله ، فلا أثر لذلك ، فسبحان من لا يقدر على هذه القدرة أحد سواه ، لا إله غيره . ثم قال : { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ } ما " بمعنى الذي ومع { صَنَعُواْ } " هاء " محذوفة . و { كَيْدُ } خبر " إن " و " الذي " اسمها . فإن جعلت " ما " كافة لـ " إن " عن العمل ، نصبت كيداً بـ { صَنَعُواْ } و " الكيد " : المكره أي : مكر الساحر وخدعه لا على حقيقة . ثم قال : { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } أي : لا يظفر بسحره أين كان . وقيل : المعنى : يقتل الساحر حيث وجد . وفي حرف ابن مسعود : أين أتى . ثم قال تعالى : { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً } . في الكلام حذف والتقدير ، فألقى موسى ما في يده فتلقفت ما صنعوا فألقيَ السحرة سجداً . قال ابن جبير : لما ألقى [ موسى ] ما في يده ، صار ثعباناً مبيناً ، قال : ففتحت فما لها مثل الرحى ثم وضعت مشفرها على الأرض ورفعت الآخر ، فاستوعبت كل شيء ألقوا من السحر ثم جاء موسى إليها ، فقبض عليها ، فإذا هي عصا ، فخرت السحرة سجداً ، وقالوا : آمنا برب هارون وموسى . ورويَ أن رئيس السحرة قال لهم : إن كان هذا سحراً من موسى فأين مضى حمل ثلاث مائة بعير من حبال وعصي ، وأين ذهب ذلك ، هذا أمر من فعل الله ، وليس هو سحراً ، فاخلصوا التوحيد لله جل ذكره وآمنوا وخرّوا سجّداً .