Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 74-77)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً } إلى قوله : { وَلاَ تَخْشَىٰ } . والمعنى : إن السحرة قالوا لفرعون { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً } أي مكتسباً الكفر ، فإن له جهنم أي : مأواه [ جهنم ومسكنه ] جزاء على كفره . { لاَ يَمُوتُ فِيهَا } فتخرج نفسه { وَلاَ يَحْيَىٰ } فتستقر نفسه في مقرها ، ولكنها تتعلق بالحناجر . وعلق الإتيان بالله مجازاً في هذا . والمعنى : من يأت موعد ربه " كما قال إبراهيم : { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الصافات : 99 ] أي : إلى موعد ربي . وليس الإتيان إلى الله إتيان مقاربة منه ، لأنه قريب في كل أوان لا يبعده مكان ولا يقربه مكان ، ولا يحويه مكان دون مكان ، ولا يحتاج إلى مكان لأنه تعالى لم يزل قديماً قبل المكان ولا تجوز صفة القرب بالمكان إلا على الأجسام ، لأنها محدثة بعد حدوث المكان ، وكان الله ولا مكان . فالإتيان إلى الله إنما هو إتيان من الخلق يوم القيامة إلى ثواب الله وجزائه ، وكذلك المعنى فيما كان مثله . ثم قال : { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّالِحَاتِ } . أي : ومن يأت ربه موحداً له قد عمل ما أمره به ، وانتهى عما نهى عنه : { فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ } أي : لهم درجات الجنة العلى . ثم بين تلك الدرجات ما هي ، فقال : { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي : جنات إقامة لا ظعن عنها ولا نفاذ لها ولا فناء { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : / تجري من تحت أشجارها ماء الأنهار . خالدين فيها . أي : ماكثين فيها أبداً . ثم قال : { وَذٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ } . هذه الإشارة بـ " ذلك " هي إلى جميع ما تقدم بعد أولئك . أي : ذلك جزاء مَن تطهر من الذنوب . ثم قال تعالى : { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي } . أي : أوحينا إلى موسى إذ أبى فرعون أن يستجيب له ، أن أسر بعبادي ، يعني بني إسرائيل . { فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً } . أي : اتخذ لهم طريقاً في البحر يبساً . أي : يابساً . وهو مصدر نعت به الطريق . والمعنى : ذا يبس . ثم قال : { لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } . أي : لا تخاف من فرعون وجنوده أن يدركوه ، ولا تخشى غرقاً من بين يديك . قال ابن جريج : " قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنا وهذا البحر قد غشينا . فأنزل الله تعالى ذكره : { لاَّ تَخَافُ دَرَكاً } من أصحاب فرعون ، { وَلاَ تَخْشَىٰ } من البحر وحلاً . وتقديره عن الأخفش : لا تخاف دركاً فيه . ثم حذف " فيه " . ومن قرأ { لاَّ تَخَافُ } بالرفع جعله في موضع الحال من موسى . وقيل : هو نعت لطريق على تقدير : لا تخاف فيه . وقيل : هو مستأنف على معنى : لست تخاف وتخشى ، عطف عليه في الوجوه الثلاثة . ومن قرأ : لا تخف بالجزم ، جعله جواباً للأمر في قوله : { فَٱضْرِبْ } . وقيل : هو جزم على النهي . نهى أن يخاف فرعون . ويكون { وَلاَ تَخْشَىٰ } مقطوعاً من الأول . وأجاز الفراء أن يكون معطوفاً على { لاَّ تَخَافُ } وثبتت الألف في الجزم كما ثبتت الياء والواو وهذا غلط عند جميع البصريين لأن الألف لا تتحرك فيقدر فيها حركة . والياء والواو يتحركان فيجوز أن تقدر فيهما حركة محذوفة . وأيضاً فإن ذلك لا يجوز في الياء والواو إلا في الشعر .