Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 78-82)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } إلى قوله : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } . في الكلام حذف ، والتقدير : فسرى موسى بهم فاتبعهم فرعون بجنوده . والسرى ، سير الليل . وكان فرعون ظن أن موسى ومن معه لا يفوتونه لأن البحر بين أيديهم . فلما أتى موسى البحر ، ضربه بعصاه ، فانفلق منه اثني عشر طريقاً . وبين الطريق والطريق الماء قائماً كالجبال فأخذ كل سبط طريقاً ، فلما أقبل فرعون ، ورأى الطريق في البحر ، أوهم من معه أن البحر فعل ذلك لمشيئته . فدخل هو وأصحابه فانطبق البحر عليهم . وروي أنهم لما تراءوا وطمع فرعون في موسى ومن معه أرسل الله ضبابة فسترت بعضهم من بعض حتى دخل موسى وقومه في البحر ، فلما أمعنوا في البحر ، انجلت الضبابة ، فنظر أصحاب فرعون فلم يروا منهم أحداً ، فتقربوا حتى أتوا البحر ، فرأوه منفلقاً . فيه طرق قائمة واضحة يابسة والماء قائم بين الطريق والطريق بمنزلة الجبل العظيم لا يتحرك ولا يزول ، فشاهدوا هذه الآيات العظيمة ، وأوهمهم فرعون أن البحر إنما انفلق من هيبته ومخافته فدخل خلف بني إسرائيل ليلحقهم ، فلما استكمل هو وجنوده في داخل البحر ، انطبق عليهم ، فهلكوا أجمعين . وقوله : { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } . أي : ما غرقهم . وفيه معنى التعظيم ، ولذلك كنى عن الغرق بغشيهم . قال أبو النجم : أنا أبو النجم وشعري شعري . أي : شعري ما قد عرفتموه . فكنى عنه ليعظمه . ثم قال : { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ } . أي : وجار فرعون بقومه عن سواء السبيل . { وَمَا هَدَىٰ } أي : ما سلك بهم الطريق المستقيم . يعني في الإيمان والكفر ، لأنه نهاهم عن اتباع الرسول فأطاعوه . ثم قال : { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ } . يعني فرعون وهذا خطاب لهم بعد هلاك فرعون وجنوده في البحر . ثم قال : { وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } . يذكرهم بنعمه عندهم وأياديه لديهم ، وقد مضى تفسير هذا كله في البقرة . { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } . أي : من شهية وحلاله . { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } . أي : لا يظلم بعضكم بعضاً . والمعنى : لا يحملنكم السعة والخصب / على الطغيان فتظلموا فيحل عليكم غضبي . أي : ينزل بكم ويجب . { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ } . أي : شقى وهلك ، أي : صار إلى الهاوية وهي قعر جهنم ، نعوذ بالله منها . ثم قال تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ } . قال ابن عباس : { لِّمَن تَابَ } من الشرك و { وَآمَنَ } وحّد الله { وَعَمِلَ صَالِحَاً } : أدّى الفرائض . والتقدير : وإني لستار لذنوب مَن تاب من الشرك . وقال قتادة : وإني لغفار لمن تاب من ذنبه وآمن بربه وعمل صالحاً فيما بينه وبين الله جل ذكره . وقوله : ثم اهتدى . معناه عند ابن عباس : لم يشكك . وقال قتادة : ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه . وقال أنس بن مالك : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } : أي : أخذ بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . وقال ابن زيد : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } ثم أصاب العمل . وقال الفراء : " ثم اهتدى " ثم علم أن لذلك ثواباً وعليه عقاباً .