Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 83-87)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } إلى قوله : { فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ } . أي : وأي شيء أعجلك يا موسى وتركت قومك خلفك ، وذلك أن الله عز وجل أنجى موسى وقومه من فرعون وقطع به البحر وأهلك فرعون وقومه ، ووعد موسى ومن معه جانب الطور الأيمن ، فتعجل موسى إلى ربه ، وترك قومه مع هارون يسير بهم في أثر موسى . وقال ابن إسحاق : وعد الله موسى وقومه بعد أن أنجاه وقومه ثلاثين ليلة وأتمها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة تلقاه فيها بما شاء ، واستخلف موسى على قومه هارون ومعه السامري يسير بهم على أثر موسى ليلحقه بهم . فلما كلم الله موسى . قال له : ما أعجلك عن قومك يا موسى . قال هم أولاء على أثري ، وعجلت إليك رب لترضى . وقيل : المعنى : أن الله تعالى ذكره وعد موسى أن يأتيه في جماعة من بني إسرائيل ، ويترك باقيهم مع هارون . فخرج بجماعة من خيارهم ، فتقدمهم موسى إلى الموضع الذي وعد بالإتيان إليه . فلذلك قال له تعالى ذكره { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } أي : عن القوم الذين أتوا معك للميعاد . قيل : وعدهم أن يسمعوا كلام الله ، فلذلك قال : هم أولاً على أثري أي : قريب ، مني سائرون إلي . وإنما تقدمتهم لترضى عني . ثم قال تعالى : { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } . أي : قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل وإضلال السامري لهم ، دعاؤه إياهم إلى عبادة العجل . قيل : إن السامري كان من القبط ، آمن بموسى ، فترك الإيمان فهو قوله { فَنَسِيَ } أي : فترك العهد ، وأكثر الأقوال أنه من بني إسرائيل . وأنه ابن خالة موسى ، ويكون قوله : " فنسي " يريد أنه من قول السامري . قال لهم : إن موسى نسي إلهكم عندكم ومضى يطلبه . يريد العجل . وأراد بقوله : " قومك من بعدك " الذين تأخروا مع هارون لا الذين صحبوا موسى ومضوا معه للميقات . وهم الذين اختارهم موسى للميقات ، وهم سبعون . فلذلك قال موسى لما أخذتهم الرجفة فماتوا : { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } [ الأعراف : 155 ] . يعني الذين تأخروا مع هارون وعبدوا العجل . ثم قال : { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً } . أي : فانصرف موسى إلى قومه من بني إسرائيل بعد تمام الأربعين ليلة غضبان على قومه لاتخاذهم العجل من بعده . { أَسِفاً } أي : حزيناً لما أحدثوا من الكفر . والأسف : يكون الحزن ، ويكون الغضب . ومن الغضب ، قوله تعالى : { فَلَمَّآ آسَفُونَا } [ الزخرف : 55 ] أي : أغضبونا . ثم قال تعالى ذكره : { قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } . أي : قال موسى عليه السلام لبني إسرائيل لما رجع إليهم غضبانا حزيناً : ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً . وذلك الوعد ، قوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } . وقيل : وعدهم إنزال التوراة عليهم . وقيل : وعدهم الجنة إذا أقاموا على الطاعة . وقيل : وعدهم أن يسمعهم كلامه / . ثم قال : { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } . أي : طال عليكم إنجاز الوعد . وقوله : { فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } . كان قد وعدوه أن يقيموا على طاعته ويسيروا في أثره للموعد إلى جانب الطور الأيمن ، فعبدوا العجل بعده وأقاموا ، وقالوا لهارون : { لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } . ثم قال تعالى : { مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } . من ضم الميم في " بملكنا " : فمعناه : ما أخلفنا موعدك بسلطاننا . أي : لم نملك الصواب ولا القدرة على ترك الأخلاف ، بل كان ذلك خطأ منا . ومن كسر الميم : فمعناه : ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا الصواب . ومن فتح الميم فمعناه : بقوتنا . وقيل : هي لغات يرجعن إلى معنى واحد . وقيل : إن هذا من قول الذين لم يعبدوا العجل ، أي : لم نملك ردهم عن عبادة العجل ، ولا منعهم من ذلك ، فتبرءوا منهم واعتذروا . ثم قال : { وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا } . قال ابن عباس : كان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون ، فهو الأوزار من زينة القوم ، أي قوم فرعون . ويقال : إن بني إسرائيل لما أراد موسى أن يسير بهم ليلاً من مصر بأمر الله ، أمرهم أن يستعيروا من أمتعة آل فرعون وحليهم ، وقال لهم : إن الله مغنمكم ذلك ، ففعلوا ، فذلك الزينة الذي حمِّلوا من زينة القوم . وقوله : { فَقَذَفْنَاهَا } . أي : في النار لتذوب . وقوله : { فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ } . أي : فألقى السامري الحلي مثل ذلك ، أي : ألقى ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل صلى الله عليه وسلم فالكاف في موضع نصب لمصدر محذوف .