Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 88-90)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ } . إلى قوله : { وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } . أي : أخرج لهم السامري من الحلي الذي قذفوه في النار ، وألقى هو عليه التربة التي كانت معه ، عجلاً مجسداً ، أي : له جسد لا روح فيه . وقيل : كان لا رأس له ، فلذلك قيل جسداً . وقوله : " له خوار " ، أي : له صوت مثل البقر . قال قتادة : " كان الله جل ذكره وقّت لموسى ثلاثين ليلة ، ثم أتمها بعشر ، فلما مضت الثلاثون ، قال عدو الله السامري : إنما أصابكم ما أصابكم بالحلي الذي كان معكم ، ( يعني إنما أبطأ عليكم موسى عقوبة من أجل الحلي ، ثم قال لهم ) : فهلموا وكانت حلياً تعوروها من آل فرعون ، فساروا وهي معهم ، فدفعوها إليه ، فصورها صورة بقرة ، وكان قد صر في عمامته أو ثوبه قبضة من أثر فرس جبريل صلى الله عليه وسلم فقذفها في الحلي والصورة فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار ، فجعل يخور خوار البقرة ، فقال : هذا إلهكم وإله موسى . وقال السدي : إن هارون قال لهم : يا بني إسرائيل ، إن الغنيمة لا تحل لكم ، وإن حلي القبط إنما هو غنيمة ، فاجمعوها جميعاً واحفروا لها حفرة فادفنوها ، فإن جاء موسى فأحلها أخذتموها ، وإلا كان شيئاً لم تأكلوه . فجمعوا ذلك الحلي في حفرة ، فجاء السامري بتلك القبضة التي من حافر فرس جبريل عليه السلام ، فقذفها فأخرج الله من الحلي عجلاً جسداً له خوار ، وعدّت بنو إسرائيل موعد موسى ، فعدّوا الليلة يوماً واليوم يوماً ، فلما كان العشرون خرج لهم العجل ، فلما رأوه ، قال لهم السامري : هذا إلهكم وإله موسى ، { فَنَسِيَ } ، فعكفوا عليه يعبدونه ، وكان يخور ويمشي . وقوله : { فَنَسِيَ } يعني فنسي السامري دينه ، أي تركه حين أمرهم بعبادة العجل . قال ابن عباس : { فَنَسِيَ } : أي : ترك السامري ما كان عليه من الإيمان ، فيكون { فَنَسِيَ } من قول الله جل ذكره ، إخباراً عن السامري . وعن ابن عباس أيضاً : { فَنَسِيَ } أي : فنسي موسى إلاهه عندكم وذهب يطلبه ، فأضله ولم يهتد إليه . فيكون { فَنَسِيَ } من قول السامري لبني إسرائيل ، وهو قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد . وقيل : معناه : فنسي موسى الطريق وضل عنه . وقيل : فنسي السامري العهد الذي عهد إليه في الإيمان ، فيكون / { فَنَسِيَ } على هذا القول من الترك . وعلى القولين الأولين من النسيان . ثم قال تعالى : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً } . أي : أفلا يرى هؤلاء الذين عبدوا العجل أنه لا يكلمهم ولا يرد عليهم جواباً . وهذا توبيخ لهم . { وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } . أي : لا يقدر لهم على ضر ولا نفع ، فكيف يكون من هذه حاله إلهاً يُعبد ؟ ! . ثم قال : { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ } أي قال لهم هارون من قبل رجوع موسى إليهم : يا قوم ، { إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ } أي : إنما أخبركم الله به لينظر محافظتكم على الإيمان بهذا العجل الذي أحدث فيه الخوار ، فيعلم صحيح الإيمان من مريض القلب الشاك في دينه . ثم قال : { وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } أي : إن معبودكم الذي يستحق العبادة هو الرحمن ، فاتبعوني ولا تعبدوا غيره . وأطيعوا أمري في ترك عبادة العجل .