Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 38-46)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } إلى قوله : { يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } . أي : ويقول المشركون متى يأتنا هذا الذي تعدنا يا محمد والوعد بمعنى الموعود . كما قيل : الخلق بمعنى المخلوق . والوزر بمعنى الموزور . { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين . و " متى " في موضع رفع عند البصريين . وفي موضع نصب عند الكوفيين وكذلك الجواب عند الكوفيين إذا كان معرفة ، نصب . يقول : متى وعدك ؟ فالجواب عندهم يوم الجمعة بالنصب ، فإن كان الجواب نكرة ، كان نكرة مرفوعاً . لو قلت يوم قريب ونحوه رفعت . وحكى الفراء : اجتمع الجيشان : المسلمون جانب ، والكفار جانب صاحبهم برفع الأولى لأنه نكرة . ونصب الثاني لأنه معرفة . والرفع عند البصريين ، في جميع هذا الوجه ، إذا كان الظرف متمكناً تقول : موعدك غُدْوة وبُكْرَة فترفع . فإن قلت موعدك بَكْرَاً . نصبت لأن بكراً غير متمكن . ويدل على صحة قول البصريين إجماع القراء المشهورين على الرفع في قوله : { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } [ طه : 59 ] . ثم قال تعالى : { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ } . أي : لو يعلم هؤلاء المستعجلون عذاب الله ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار وظهورهم ولا يقدرون أن يكفوا ذلك عن أنفسهم ، ففي " يكفون " ضمير " المشركين " . { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي : ولا ناصر لهم من عذاب الله يستنقذهم منه / . وفي الكلام حذف . قيل : التقدير : لو علموا ذلك ، ما أقاموا على كفرهم . وقيل : التقدير : لو علموا ذلك ما سألوا العذاب واستعجلوه . فقالوا : متى هذا الوعد ، فهو جواب " لو " محذوف لعلم السامع . وقيل : التقدير : لو يعلمون ذلك ، لاتعظوا وازدجروا عن كفرهم . وقيل : هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة . فالمعنى : لو يعلمون ذلك علم يقين ، لعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها . ودل على هذا المعنى قوله : " بل تأتيهم بغتة " هذا قول الكسائي ومثله ، { لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } [ التكاثر : 5 ] . أي : لو علمتم ذلك يقيناً ما ألهاكم التكاثر . ثم قال : { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا } . أي : ألهؤلاء المستعجلون ربهم بالعذاب آلهة تمنعهم من دون الله إن حل عليهم العذاب . ثم وصف تعالى ذكره الآلهة بالضعف ، فقال : { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ } فمن لا يقدر أن ينصر نفسه ، فكيف يقدر أن ينصر غيره . وقوله : { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } . أي : لا تصحب آلهتهم من الله تعالى بخير . قاله قتادة . وقال مجاهد : { يُصْحَبُونَ } . أي : ينصرون . وعن مجاهد أيضاً : { يُصْحَبُونَ } يحفظون . وعن ابن عباس : { يُصْحَبُونَ } يمنعون . وعن ابن عباس : { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } أي : ولا الكفار منا يجارون من قوله : { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } وهذا القول : اختيار الطبري ليكون الضمير يعود على الكفار . ويحتمل قول من قال : يحفظون ويمنعون وينصرون أن يكون الضمير يعود على الكفار . ثم قال تعالى : { بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } . أي : متعناهم بالحياة ، ومتعنا آباءهم من قبلهم ، حتى طال عليهم العمر . وهم على كفرهم مقيمون . { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ } . أي : أفلا يرى هؤلاء المشركون أنا نأتي الأرض نخربها من نواحيها بقهرنا أهلها وقتلهم بالسيف ، فيتعظوا بذلك ، ويحذروا أن ينزل بهم مثل ذلك . وقال عكرمة وقتادة : { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ } يعني بالموت . وقال الحسن والضحاك : يعني فتح البلدان والأرض ، يراد بها أرض مكة . ثم قال تعالى : { أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } . هذا تقريع وتوبيخ : أي : ليس هم الغالبون . ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الغالب . ثم قال تعالى : { قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ } . أي : بالقرآن . { وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ } . أي : من أصم الله قلبه عن قبول الذكر ، فليس يسمع سماعاً ينتفع به ، إنما ينتفع به المؤمن . فعُني بالصم هنا المعرضون عن ذكر الله . فمن أعرض عن قبول شيء ، فهو بمنزلة من لا يسمعه ، وقت ما ينذر به . ثم قال تعالى : { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ } . أي : ولئن مسهم نصيب وحظ من عذاب ربك ، " يقال : نفح فلان لفلان من عطائه إذا أعطاه قسماً أو نصيباً من المال . وقال قتادة : نفحة : عقوبة . وقيل : النفحة ها هنا : الجوع الذي أخذهم الله به بمكة . وقيل : " نفحة " ، أقل شيء من العذاب ، وأدنى شيء منه . { لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } . أي : ظلمنا في عبادتنا الأصنام وتركنا عبادة الله الذي خلقنا ، وأنعم علينا .