Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 23-25)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } إلى قوله : { مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } . أي : " يدخلهم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار " . { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } . ومن قرأ بالنصب ، فمعناه : ويحلون لؤلؤاً . { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } أي : ثياب من حرير . ثم قال : { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ } . أي : هداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله . وقال ابن زيد : هدوا إلى الكلام الطيب : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله . وهو الذي قال جل ذكره : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [ فاطر : 10 ] . وقال ابن عباس : هدوا : ألهموا . وقيل : هدوا إلى قوله : الحمد لله الذي صدقنا وعده . وقيل : معناه : هدوا إلى البشارات التي تأتيهم من عند الله ، بما لهم من دوام النعم وبالسلام والتحية التي يبعثها الله إليهم مع الملائكة . كما قال : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } . ومعنى : { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } . أي : إذا صاروا إلى الآخرة ، وهدوا إلى صراط الجنة وطريقها ، فهو صراط الله عز وجل ، يسلكه المؤمنون إلى الجنة ويعدل عنه الكافرون والمنافقون إلى طريق النار . والحميد هو الله . بمعنى المحمود . أي : أن يحمد على نعمه ، على عباده . وقيل : معناه : وهدوا إلى صراط الحميد ، أي : وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الرب الحميد ، وهو دين الإسلام . والحميد بمعنى المحمود عند أوليائه وخلقه . فحميد : فعيل بمعنى : مفعول . وصراط العزيز الحميد : الإسلام . وقيل : " إن قوله : لا إله إلا هو " هدوا إلى ذلك في الدنيا . ثم قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } . أي : إن الذين جحدوا توحيد الله ، وكذبوا رسله ومنعوا الناس الدخول في دين الله وصدوهم عن المسجد الحرام الذي جعله الله للناس المؤمنين كافة لم يخصص به بعض دون بعض ، هلكوا . وهذا خبر أن ، محذوف من الكلام . وقيل : الخبر : يصدون . فالواو زائدة . قال أبو إسحاق : الخبر : نذقه من عذاب أليم . وهذا غلط ، لأنه جواب الشرط . ثم قال : { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } . أي : معتدل في النزول فيه ، المقيم والبادي . فالبادي [ المنتاب إليه من غيره ] . والعاكف أهله . أي : ليس أحدهم أحق بالمنزل يكون فيه من الآخر ، إلا أن يكون أحد سبق إلى منزل . قال ابن زيد ومجاهد : ذلك مباح في بيوت مكة . وروي أن الأبواب إنما عملت على بيوت مكة من السَّرَق ، لأن الناس كانوا ينزلون أينما وجدوا . فعمل رجل باباً ، فأرسل إليه عمر : اتخذت باباً من حجاج بيت الله ؟ فقال : لا ، إنما جعلته متحرز متاعهم . واختلف في الآية . فقيل : عُني بها المسجد الحرام خاصة . ليس أحد أولى به من غيره . وقيل : عني بها مكة ، ليس أحد أولى بمسكن فيها من غيره . والمعنى : والمسجد الحرام . أي : ويصدون الناس عن دخول المسجد الحرام والصلاة فيه ، والطواف بالبيت ، وهو موضع يستوي فيه المقيم والطارئ ، حقهم فيه واحد . وهذا يدل على أن المراد المسجد الحرام ، دون بيت مكة ، وهو ظاهر اللفظ . وقد ملك الناس دور مكة وتبايعوا من أول الإسلام إلى الآن وهم يتوارثونها من أول الإسلام . فظاهر لفظ الآية إنما يدل على أن العاكف والطارئ حقهما في المسجد سواء ، لا فضل لأحدهما على الآخر . وقد قال ابن عباس : ذلك في المسجد الحرام خاصة . وعن مجاهد وعطاء : أن المعنى : أن أهل مكة والغريب بها ، هما في حرمة الإسلام سواء ، لا يمنع أحد من دخوله من المؤمنين ، ولا يُضر أحد منه . وهذا القول يؤيده صدر الآية ، لأنه تعالى إنما ذكر [ صد ] الكافرين المؤمنين عن المسجد الحرام ومنعهم منه . ثم أعلمنا آخر الآية أن أهله والغريب في حرمته سواء ، لا يُمنع أحد منهم . ومن قرأ " سواءُ " بالرفع ، جعله مبتدأ . والعاكف فيه خبره . وإن شئت جعلت العاكف مبتدأ وسواء خبر مقدم . فتقف على " للناس " ، على تقدير الوجهين . ويكون : " للناس " ، في موضع المفعول الثاني ، تقف على " للناس " . ومن قرأ بالنصب ، جعله مفعولاً ثانياً لـ " جعلنا " ويرتفع العاكف . والأحسن عند سيبويه في مثل هذا : الرفع ، لأنه غير جار على الفعل . وقد قرئ " سواءً " بالنصب " العاكف " بالخفض ، على أن يكون " سواء " مفعولاً ثانياً لـ " جعلناه " والعاكف والبادي بدلاً من الناس ، أو نعتاً لهم . ثم قال : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ } فالباء في " بإلحاد " زائدة . قاله : الأخفش وأبو عبيدة . وقال الكوفيون : إنما دخلت الباء هنا ، لأن معناه : ومن يرد فيه بأن يلحد . والباء تدخل وتحذف مع " أن " كثيراً ومنع المبرد ، الزيادة في كتاب الله ، والقول عنده : إن يرد . يدل على الإرادة . فيدخل الباء مع الفعل . على تقدير دخولها مع المصدر . فالتقدير عنده . ومن أراد به بأن يلحد ، وهو ظالم . كما قال : أريد لأنْسَى ذِكْرَه . فكأنما تخيل لي ليلاً بكل سبيل . فأدخل اللام ، على تقدير دخولها مع المصدر . أي : إرادتي لكذا . قال ابن عباس : { بِظُلْمٍ } بشرك . وقال مجاهد : " من يرد فيه غير الله " وقاله الحسن . وقال قتادة : من أشرك في بيت الله ، عذبه الله . وعن ابن عباس : أن المعنى : من استحل من الحرام ما حرم الله ، أذاقه الله العذاب المؤلم ، مثل القتل ونحوه . وقال مجاهد : معناه : من يعمل فيه عملاً [ سيئاً ] . وهذه الآية تدل على أن الإنسان / يجب عليه العقاب بنيته لفعل الشر في الحرم . ألا ترى إلى قوله : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ولم يقل : من يفعل ذلك . وإنما ذكر العقوبة على الإرادة فقط ، فهو ظاهر الآية ، وذلك لعظيم حرمة الحرم وجلالة قدره ، وكذلك يضاعف فيه الحسنات أكثر مما يضاعف في غيره . وقال ابن عمر : ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه ، يعني : في غير الحرم وفي غير أهل الحرم ، قال : ولو أن رجلاً بِعَدَن أبينَ همَّ بقتل رجل بهذا البيت إلا أذاقه الله من العذاب الأليم . وقال الضحاك : إن الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو في بلد آخر ولم يعملها فتكتب عليه . وعن ابن عباس أيضاً أن المعنى : من يرد استحلاله متعمداً . وقال حبيب بن أبي ثابت : " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم " ، هم : المحتكرون الطعام بمكة . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : احتكار الطعام بمكة إلحاد . وقال مجاهد : بيع الطعام بمكة إلحاد ، وليس الجالب كالمقيم . وقال الضحاك : الإلحاد في هذا الموضع : الشرك . وقال عطاء : هو عبادة غير الله . وقيل : إنه كل ما كان منهياً عنه حتى قول الرجل : " لا والله وبلى والله " . وروى مجاهد أن ابن عمر كان له فسطاطان ، أحدهما في الحل والآخر في الحرم فإذا أراد أن يعاتب أهله ، عاتبهم في الحل . فسئل عن ذلك فقال : كنا نحدث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل بمكة بلى والله ، وكلا والله . وأصل الإلحاد ، الميل عن القصد ، ومنه سمي اللحد ، ولو كان مستوياً لقيل ضريح . ومنه قوله : { وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ } [ الأعراف : 180 ] . يقال : لحد وألحد بمعنى واحد . وحكى الأحمر : ألحد إذا جادل ولحد إذا عدل ومال .