Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 29-33)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } . إلى قوله : { مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } / . قال ابن عباس : التفث : الحلق والتقصير والرمي والذبح والأخذ من الشارب واللحية ونتف الإبط وقص الأظفار . وهو الخروج من الإحرام إلى الحل . وقال ابن عمر : التفث : ما عليهم من الحج . وعنه أيضاً : التفث : المناسك كلها . وعن ابن عباس : التفث : حلق الرأس والأخذ من الشارب ، ونتف الإبط وحلق العانة وقص الأظفار والأخذ من العارضين ، ورمي الجمار ، والموقف بعرفة والمزدلفة ومثله عن قتادة وابن جريج . وقوله : { وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } يعني : ما نذروا من البدن . وقال مجاهد : هو نذر الحج والهدي وما نذره الإنسان من شيء يكون في الحج . ثم قال تعالى ذكره : { وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } . يعني : بيت الله الذي هو مكة ، سمي عتيقاً لأن الله أعتقه من الجبابرة أن يصلوا إلى تخريبه وهدمه ، قاله : قتادة ومجاهد وابن أبي نجيح وهو مروي عن النبي عليه السلام . وقال ابن جبير : إنما سمي بالعتيق لأنه أعتق من الغرق [ في ] زمان الطوفان . وعن مجاهد : أنه إنما سمي عتيقاً لأنه لم يملكه أحد من الناس . وقال ابن زيد : " سمي بذلك لقدمه ، لأنه أول بيت وضع للناس ، بناه آدم ، وهو أول من بناه ، ثم بوأ الله موضعه إبراهيم بعد الغرق ، فبناه إبراهيم واسماعيل . ومنه قيل : للسيف القديم سيف عتيق . وعنى بالطواف هنا طواف الإفاضة يوم النحر وبعده ، وهو الذي يقال له طواف الزيارة . ثم قال تعالى : { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ } . أي : الأمر ، ذلك من الفروض . وقيل : معناه : ذلك الذي أمرتم به من الوفاء بالنذور ، والطواف بالبيت العتيق هو الفرض الواجب عليكم في حجكم . { وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ } أي : ومن يجتنب مع ذلك ما أمره الله باجتنابه في حال إحرامه تعظيماً منه لحدود الله أن يواقعها ، فهو خير له عند ربه في الآخرة . قال مجاهد : { حُرُمَاتِ ٱللَّهِ } هي مكة والحج والعمرة ، وما نهى الله عنه من المعاصي كلها . وقال ابن زيد : { حُرُمَاتِ ٱللَّهِ } : المسجد الحرام والبيت الحرام والبلد الحرام . ثم قال تعالى : { وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ } أي : أحلها الله لكم أن تأكلوها إذا ذكيتموها ، لم يحرم عليكم بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام . ثم قال : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أي : في كتاب الله ، وذلك الميته والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب ، فذلك رجس كله . وقال قتادة : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } : الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه . وقيل : هو الصيد المحرم على المحرمين . فالمعنى : أحل لكم في حال إحرامكم أكل لحم الإبل والبقر والغنم ، إلا ما يتلى عليكم من تحريم الصيد عليكم وأنتم محرمون . ثم قال تعالى : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } أي : النتن ، و " من " لبيان الجنس . وقال الأخفش : هي للتبعيض . أي : فاجتنبوا الرجس الذي هو من الأوثان ، أي عبادتها . وقال ابن عباس : معناه : اجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ، ثم قرأ : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } " . وقال ابن جريج : { قَوْلَ ٱلزُّورِ } الكذب ، والفرية على الله جلّ ثناؤه . وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهم . وقيل : { قَوْلَ ٱلزُّورِ } : قولهم : إن الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن ذلك . وقيل : معناه : اجتنبوا تعظيم الأوثان والذبح لها . وسماها رجساً ، استقذاراً لها . وكانوا ينحرون عندها ، ويصبون عليها الدماء . فيقذرونها ، وهم مع ذلك يعظمونها ، فنهى الله المسلمين عن ذلك كله . ثم قال تعالى : { حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } . أي : اجتنبوا ذلك ، ما يليق إلى الحق والتوحيد والإخلاص والإيمان بالله . ثم قال تعالى ذكر : { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } . أي : مثل من يشرك بالله في بعده من الهدى وإصابة الحق وهلاكه ، مثل من خرّ من السماء { فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ } أي : فهلك ، أو مثل من { تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } ، أي : بعيد . وقيل : المعنى : من يشرك بالله يكون يوم القيامة بهذه الصفة ، لا يملك لنفسه نفعاً ولا يملك له أحد من الخلق نفعاً ، ولا يمكنه امتناع مما يناله من عذاب الله ، فكأنه في ذلك بمنزلة من خرّ من السماء ، ومن هوى لا يقدر لنفسه على دفع ما هو فيه ، فتخطفه الطير وتقطع جسمه بمخالبها ومناقرها ، فهو لا يجد سبيلاً إلى دفع ذلك عن نفسه ، وهو بمنزلة من تحمله الريح من موضع مرتفع ، فترمي به في منحدر بعيد / سحيق ، فشبه الله المشرك بمنزلة هذا الذي خرّ من السماء ، فهوت به الريح وتخطفته الطير ، فكما لا يملك هذا لنفسه دفع ضر ، وهو في الهُوِي ، كذلك المشرك ، يوم القيامة لا يقدر على دفع ما نزل له من العذاب . ثم قال تعالى : { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } . أي : ذلك أمر الله ، { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ } ، يعني : الوقوف بعرفة وتجميع ورمي الجمار والصفا والمروة ، فهذه كلها شعائر ، وتعظيمها : الوقوف والعمل بها في الأوقات المفروضة والمسنونة . " والشعائر " جمع شعيرة ، وهي ما جعله الله علماً لخلقه . وكذلك الشعائر البدن واحدها شعيرة أيضاً ، لأنها قد أشعرت ، أي : جعلت فيها علامة تدل على أنها هدي ، ولذلك قال بعض العلماء : إن الشعائر هنا البدن . وقوله : { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } أي : فإن الفعلة من تقوى القلوب . أي : فإن التعظيم واجتناب الرجس من وجل القلوب من خشية الله . ثم قال تعالى : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } . أي : لكم في البدن منافع قبل تسميتها بدنة وإشعارها . وذلك لبنها وركوب ظهورها ، وما يرزقون من نتاجها وشعرها ووبرها ، وقوله : { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي : إلى وقت يوجبها صاحبها فيسميها " بدنة " ويقلدها ويشعرها ، فإذا فعل ذلك ، بطل ما كان له من النفع منها . هذا معنى قول ابن عباس وعطاء . وهو قول قتادة ، قال : " إلى أجل مسمى " أي : إلى أن تقلد فإذا قلدت ، فمحلها إلى البيت العتيق . وعن عطاء أن المعنى : لكم في البدن التي أوجبتم هديها منافع ، وذلك ركوب ظهروها إذا احتجتم إلى ذلك ، وتشربون ألبانها إذا اضطررتم إلى ذلك ، ويحمل عليها المضطر غير منتهك لها . وقوله : { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } يعني إلى أن تنحر . ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالبدن إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركب غير منهوكة وإن نتجت أن يحمل عليها ولدها ، ولا يشرب من لبنها إلا فضلاً عن ولدها . فإن كان في لبنها فضل فيشرب من أهداها ومن لم يهدها . ومن جعل الشعائر : الأماكن المذكورة ، فالمعنى عنده : لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ، أي : لكم في حضور هذه الأماكن منافع ، وذلك تجاراتهم وبيعهم " إلى أجل مسمى " أي : إلى الخروج والانتقال من هذه الشعائر إلى غيرها . هذا معنى قول ابن عباس . وقال ابن زيد : معناه : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ } هو الأجر الذي ربحوا في تلك الأماكن . ومعنى : { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي : إلى أيام معلومة ، فإذا ذهبت تلك الأيام ، لم يأتِ أحد تلك الأماكن يبتغي الأجر ، مثل عرفة ورمي الجمار ومزدلفة ، فإنما منافعها في تلك الأيام بعينها ، وهي الأجل المسمى . ثم قال : { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } . أي : ثم محل البدن أن يبلغ الحرم ، فتنحر بها . وقيل : المعنى : ثم محلكم أيها الناس من مناسك حجكم إلى البيت العتيق إذا طفتم طواف الإفاضة . وقال ابن زيد : معناه : ثم محل أيام الحج إلى البيت العتيق . أي : إذا طافوا بالبيت طواف الإفاضة انقضت أيام الحج .