Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 61-67)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } إلى قوله { سَامِراً تَهْجُرُونَ } . معناه : أولئك يسارعون في الخيرات ، أي : الذين [ هم ] هذه صفتهم " يسارعون " أي : يسابقون في الأعمال الصالحة . قال ابن زيد : " الخيرات " المخافة ، والوجل ، والإيمان ، والكف عن الشرك بالله . ثم قال : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } . أي : قد سبقت لهم من الله السعادة فذلك سبقهم في الخيرات كل من عنده . قال ابن عباس : " وهم لها سابقون " سبقت لهم من الله تعالى السعادة . وقيل معناه : وهم إليها سابقون . وقيل المعنى : وهم من أجلها سابقون ، أي من أجل اكتسابهم الخيرات يسبقون إلى رحمة الله . وقيل المعنى : فهم إلى أوقاتها سابقون ، لأن الصلاة في أول الوقت أفضل . ثم قال تعالى ذكره : { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } . أي : إلا ما تطيق من العبادة . { وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ } أي : وعندنا كتاب يبين بالصدق عما عملوا من عمل في الدنيا . { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } . أي : لا يزاد على أحد من سيئات غيره ولا ينقص من حسناته ، وهو الكتاب الذي كتبت فيه أعمال الخلق عند الملائكة تحتفظ به . ثم قال تعالى : { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } . أي في عماية من هذا القرآن . وقيل : المعنى : بل قلوبهم في غطاء عن المعرفة بأن الذي نمدهم به من مال وبنين ، إنما هو استدراج لهم . وقال قتادة : المعنى ، بل قلوبهم في غمرة من وصف أهل البر ببرهم ، وهو ما تقدم من صفة المؤمنين . والغمرة ، الغطاء والغفلة . ثم قال تعالى : { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } . أي : ولهؤلاء الكفار أعمال من المعاصي والكفر من دون أعمال أهل الإيمان بالله ، قاله قتادة . قال مجاهد : " من دون ذلك " من دون الحق . وقال الحسن : معناه : ولهم أعمال لم يعملوها ، سيعملونها يعني الكفار . وقيل : معناه ، لهؤلاء الكفار أعمال سبقت في اللوح المحفوظ أنهم سيعملونها وسيعلمونها . وقال مجاهد : لم يعملوها وسيعملونها . ثم قال تعالى : { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ } . أي : لكفار قريش أعمال من الشر من دون أعمال أهل البر هم لها عاملون إلى أن يأخذ الله أهل النعمة والبطر منهم بالعذاب إذا هم يضجون ويستغيثون . قال ابن زيد : " المترفين " العظماء . قال مجاهد : " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب " . قال : بالسيوف يوم بدر . وقال الربيع بن أنس : { يَجْأَرُونَ } يجزعون . قال ابن جريج : " بالعذاب " يعني عذاب يوم بدر ، { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يعني أهل مكة ، يعني يضجون ويستغيثون على قتالهم . قال الضحاك : أهل بدر أخذوا بالعذاب يوم بدر . ثم قال : { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } . أي : لا تضجوا وتستغيثوا قد نزل بكم العذاب ، فلا ناصر لكم منه . وقد قيل : هو عذاب الآخرة . وعلى القول الأول أكثر الناس . ثم قال : { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } . هنا مخاطبة للمشركين ، أي : قد كانت آيات القرآن تتلى عليكم . قال الضحاك : وذلك قبل أن يعذبوا بالقتل ، فكنتم تولون مدبرين / عنها تكذيباً بها وكراهة أن تسمعوها . تقول العرب لكل من رجع من حيث جاء ، نكص فلان على عقبيه . قال ابن عباس : يعني بذلك أهل مكة . ثم قال تعالى : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } . أي : بالحرم قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو مالك . قال أبو مالك وذلك لأمنهم والناس يتخطفون من حولهم . وقيل : الهاء عائدة على الكتاب ، أي مستكبرين بالكتاب . أي : يَحْدُثُ لكم بتلاوته عليكم استكبارٌ . وقوله : { سَامِراً تَهْجُرُونَ } . أي : تسمرون بالليل في الحرم . يقال لجماعة يجتمعون للحديث " سامر " كما يقال : " باقر " لجماعة البقر ، " وجامل " لجماعة الجمال . وأكثر ما يستعمل " سامراً " للذين يسمرون بالليل ، وأصله من قولهم لا أكلمه السمر والقمر أي : الليل والنهار . وقال الثوري : يقال لظل القمر ، السمر ، ومنه السمرة في اللون وقرأ أبو رجاء : سُمّاراً ، جعله جمع سامر . قال ابن عباس وابن جبير : معناه : يسمرون بالليل حول الكعبة ، يقولون المنكر . وقال الضحاك : يعني سمر الليل . قال الطبري : إنما وحد " سامر " ، وهو في موضع جمع ، لأنه وضع موضع الوقت ، ومعنى الكلام تهجرون ليلاً ، فوضع السامر موضع الليل فوحد لذلك . ومن قرأ : تُهجرون بالضم في التاء ، أخذه من أهجر يهجر ، إذا نطق بالفحش . وقيل : الخنا ومعناه التجاوز ومنه قيل : " الهاجرة ، لأنه وقت تجاوز الشمس من الشرق إلى الغرب " . وأما معناه ، فقال ابن عباس فيه : معناه ، تسمرون برسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون الهجر . وقال عكرمة : تشركون . وقال الحسن : تسبون النبي صلى الله عليه وسلم . وقال مجاهد : تقولون القول السيء في القرآن . ومن قرأ بفتح التاء فهو من هجر المريض إذا هذى ، هذا قول الكسائي . ويقال هجر المحموم ، إذا غلب على عقله ، فيكون معناه : إنكم كالهاذي في مرضه بما لا ينتفع به ، وكذلك أنتم تتكلمون في النبي عليه السلام بما لا يضره . وقيل : معناه من هَجَرَهُ ، إذا لم يكلمه فمعناه على هذا : تهجرون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . وقد قال الحسن : تهجرون نبيي وكتابي . وقال ابن عباس : معناه : تهجرون ذكر الله والحق . وقال السدي : تهجرون البيت . وقال ابن جبير : تسمرون بالليل وتخوضون في الباطل . وقال أهل اللغة : يقال هجر وأهجر في كلامه ، إذا أفحش غير أن الأصمعي قال : هجر يهجر ، إذا هذى ، وأهجر إذا تكلم بالقبيح . " ومستكبرين " وقف عند أبي حاتم ثم تبتدئ : " سامراً تهجرون " أي في البيت . وقيل : " مستكبرون به " الوقف . وقيل : تهجرون التمام .