Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 45-50)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ } ، إلى قوله : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، معناه : والله خلق كل ما يدب من نطفة ، فمنهم من يمشي على بطنه كالحيات ، ومنهم من يمشي على رجلين : كبني آدم ، والطير ، ومنهم من يمشي على أربع كالبهائم . وجاز أن تأتي { مَّن } هنا لأنه لما خلط من يعقل لمن لا يعقل غَلَّبَ ما يعقل فقوله : { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ } ، قد يدخل فيه الناس وغيرهم من البهائم ولذلك قال : " فمنهم " ولم يقل : فمنها ولا منهن . { يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } ، أي : يحدث من يشاء من الخلق { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . ثم قال تعالى : { لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ } ، أي : علامات واضحات دالات على طريق الحق . وقوله : { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } ، أي : يرشد من يشاء من خلقه إلى دين الإسلام وهو الطريق المستقيم . وقوله : { عَلَىٰ أَرْبَعٍ } ، تمام . قوله مبينات ، قطع حسن . ثم قال : { وَيَِقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا } ، أي : ويقول المنافقون : صدقنا بالله وبالرسول وأطعناهما . { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } ، أي : ثم تُدْبِرُ طائفة منهم من بعد قولهم وإقرارهم بالإيمان . ثم قال تعالى : { وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } ، أي : ليس قائلو هذه المقالة بمؤمنين . { مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } قطع . ثم قال تعالى : { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } ، يعني هؤلاء المنافقين إذا دعوا إلى كتاب الله ، وإلى رسوله ليحكم بينهم فيما اختصموا فيه بحكم الله { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } ، أي : يعرضون عن قبول الحق . ثم قال تعالى : { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } ، أي : إن يكن لهؤلاء المنافقين حق قِبَلَ الذين يدعونهم إلى كتاب الله يأتون إلى رسول الله منقادين لحكمه طائعين غير مكرهين . يقال : أذعن فلان بالحق إذا أقر به طائعاً . قال مجاهد : مذعنين سراعاً . وقال عطاء : هم قريش . ثم قال : { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ } ، أي : أشكّوا في رسول الله أنه نبي ورسول فيأبوا الإتيان إليه أم يخافون أن يحيف الله عليهم ، أن يجور عليهم بحكمه فيهم ومعناه : أن يحيف رسول الله ، ولكن بدأ باسمه جل ذكره تعظيماً . كما يقال : قد أعتقك الله ثم أعتقك ، وما شاء الله ثم شئت . ويدل على ذلك قوله : { لِيَحْكُمَ } ، ولم يقل ليحكما . ثم قال : { بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، أي : لم يخافوا أن يحيف رسول الله عليهم فيتخلفون عنه لذلك ، بل تخلفوا لأنهم قوم ظالمون لأنفسهم بخلافهم أمر ربهم .