Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 33-39)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } ، إلى قوله : { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } . أي : ليس يأتيك يا محمد هؤلاء المشركون بمثل يضربونه لك ، ليحتجوا به عليك إلا جئناك من الحق أي : من القرآن بما يُبْطِلُ ما جاءوا به . { وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } ، أي : أحسن تفصيلاً . ثم قال : { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } ، أي : الذين يساقون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم شر مستقراً في الدنيا والآخرة ، من أهل الجنة في الجنة ، وأضل منهم طريقاً في الدنيا . قال مجاهد : الذي أمشاهم على أرجلهم ، قادر أن يمشيهم على وجوههم إلى جهنم . وروى أنس : " أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه [ وسلم ] ، : كيف يا رسول الله : يحشر الكافر على وجهه فقال : الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه " . قال أبو هريرة : يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف . صنف على الدواب ، وصنف على أقدامهم ، وصنف على وجوههم . فقيل له : كيف يمشون على وجوههم قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم . وقيل : إن هذا تمثيل . كما تقول : ستمضي على وجهك أي : كارهاً . ثم قال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ } ، الآية ، أي : آتينا موسى التوراة . كما آتيناك يا محمد القرآن { وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً } أي : معيناً وظهيراً { فَقُلْنَا ٱذْهَبَآ إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } يعني فرعون وقومه { فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } أي : أهلكناهم . وفي الكلام حذف والتقدير : فذهبا فكذبوهما ، فدمرناهم ، فدخول الفاء تدل على هذا الحذف . وقال الفراء : المأمور بالذهاب في المعنى موسى وحده ، بمنزلة قوله تعالى : { فَنَسِيَا حُوتَهُمَا } [ الكهف : 61 ] والناسي يوشع وحده . وبمنزلة { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] وإنما يخرجان من الملح . وهذا قول مردود لأنه قد كرر في كثير من الآيات إرسال هارون مع موسى إلى فرعون ، فلا يحتاج فيه إلى هذا المجاز . والوقف { بِآيَاتِنَا } ، وقرئت { فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } ، على الخبر عن موسى وهارون . وقرئت { فدمِّرانِهم } ، على الأمر لموسى وهارون بتشديد النون ، فلا يحتاج في هاتين القراءتين إلى إضمار ولا حذف ، وهما قراءتان شاذتان ، والوقف على هاتين القراءتين { تَدْمِيراً } . ثم قال تعالى : { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ } ، أي : واذكر قوم نوح . وقيل : هو معطوف على المفعول في { فَدَمَّرْنَاهُمْ } . وقيل : التقدير : وأغرقنا قوم نوح ، لما كذبوا الرسل أغرقناهم وهذا حسن . والمعنى : وأغرقنا قوم نوح من قبل قوم فرعون لما كذبوا الرسل { وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً } . وقوله : { لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ } ، قيل : إنهم كذبوا رسلاً قبل نوح فلذلك جمع . وقيل : إن من كذَّب نبياً ، فقد كذب جميع الأنبياء . فجمع على المعنى . ثم قال { وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ } ، أي : لهم ولمن هو / مثلهم في الظلم والكفر { عَذَاباً أَلِيماً } ، في الآخرة سوى الذي حل بهم في الدنيا . ثم قال : { وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ } ، كل هذا معطوف على قوم نوح أي : واذكر . وقيل : ذلك معطوف على الضمير في { جَعَلْنَاهُمْ } . وقيل : التقدير : وأعتدنا للظالمين عذاباً أليماً ، وعذبنا عاداً وثموداً . وقوله : { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } ، أي : وتبرنا كلاً ، أي : أهلكنا كلاً وقوله : { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ } ، أي : وذكرنا كلاً ، ووعظنا كلاً { ضَرَبْنَا لَهُ ٱلأَمْثَالَ } ، فتضمر هذا ونحوه ، لأن ضرب الأمثال وعظ وتذكير . وقيل : وعاداً وما بعده معطوف على المفعول في { فَدَمَّرْنَاهُمْ } ، أي : دمرنا عاداً وثموداً وأصحاب الرس . قال ابن عباس : أصحاب الرس قرية من ثمود . وقال قتادة الرس : قرية من اليمامة يقال لها الفلج . وعن ابن عباس وعكرمة : الرس : بئر . وقاله مجاهد . قال أبو عبيدة الرس : المعدن ، وصاحب الرس : نبي يقال له : حنظلة بن صفوان : قتلوه وطرحوه في البئر . والرس عند جماعة من أهل اللغة : الركية التي لم تصلو . وروى محمد بن كعب القرظي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة : العبد الأسود وذلك أن الله جل ذكره : بعث نبياً إلى أهل قريته ، فلم يؤمن أحد من أهلها إلا ذلك الأسود ، ثم إن أهل القرية عدوا على النبي فحفروا له بئراً وألقوه فيها . ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم ، قال : فكان ذلك العبد الأسود يذهب فيحتطب على ظهره ، ثم يأتي بحطبه ، فيبيعه فيشتري به طعاماً وشراباً ، ثم يأتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة ، ويعينه الله تعالى عليها ، فيدلي طعامه وشرابه إليه ، ثم يرجعها كما كانت ، فكان ذلك ما شاء الله أن يكون ثم ذهب يوماً يحتطب كما كان يصنع فجمع حطبه ، وحزم حزمته وفرغ منها ، فلما أراد أن يحتملها ، وجد سِنَةً فاضطجع فنام ، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائما ثم إنه هب فتمطى فتحول لشقه الآخر ، فاضطجع ، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى ، ثم إنه هب فاحتمل حزمته ، ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار ، فجاء إلى القرية فباع حزمته ، ثم اشترى طعاماً وشراباً كما كان يصنع ، ثم ذهب إلى الحفرة فالتمسه فلم يجده وقد كان بدا لقومه فيه ، فاستخرجوه ، وآمنوا به وصدقوه ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسألهم عن ذلك الأسود ، ما فعل فيقولون ما ندري حتى قبض الله النبي ، وأتى الأسود بعد ذلك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ، إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة فهؤلاء لا ينبغي أن يكونوا أصحاب الرس لأنهم آمنوا " ، وقد حكى الله عن أصحاب الرس أنه دمرهم ، إلا أن يكونوا أحدثوا حدثاً بعد نبيهم . وقوله : { وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً } ، أي : ودمرنا قروناً بين أضعاف هذه الأمم التي ذكرنا . وقال : قتادة أصحاب الأيكة وأصحاب الرس أمتان أرسل إليهما جميعاً شعيب ، فكفرتا فعذبتا بعذابين . قال قتادة : القرن سبعون سنة . وقيل : القرن أربعون سنة .