Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 47-52)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً } ، إلى قوله : { جِهَاداً كَبيراً } . أي : والذي مد الظل ، ثم جعل الشمس عليه دليلاً ، هو الذي جعل لكم الليل لباساً أي : ستراً وجُنة تسكنون فيه : فصار ستراً تستترون في ظلمته ، كما تستترون بالثياب التي تلبسونها . وقوله : { وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً } ، أي : راحة تستريح به أبدانكم ، وتهدأ جوارحكم . وقوله : { وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } ، أي : يقظة وحياة من قولهم نشر الميت إذا حيي . ثم قال تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } ، أي : أرسل الرياح الملقحة حياة أمام رحمته ، وهي المطر ، ثم قال : { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } ، الطهور فعول من أبنية المبالغة ، والفرق بين طهور وطاهر : أن الطهور يكون طاهراً مطهراً لما فيه من المبالغة ، لأن بناء فعول للمبالغة وضع ، ولولا معنى المبالغة التي أحدثت بنيته ، مما جاز أن يدل على أنه مطهر لغيره ، لأن فعله : طَهَر أو طَهُر وكلاهما غير متعد ، فكذلك يحب أن يكون اسم الفاعل غير متعد ، والطاهر لا يدل على أنه مطهر لغيره ، إذ ليس فيه مبالغة في بنائه وإذ هو اسم فاعل من فعل غير متعد تقول : طهر الماء ، وطهر فلا يتعدى إلى مطهر ، فكذلك اسم الفاع لا يجوز أن يتعدى إلى مطهر إلا أن يحدث فيه بناء يدل على المبالغة فيحسن أن يدل على مطهريه فاعرفه . ثم قال : { لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } ، إنما جاء ميتاً على التذكير لأن البلدة والبلد سواء . وقيل : إنه رده على الموضع لأن البلدة موضع ومكان . ثم قال تعالى : { وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً } ، أي : نسقي هذا الماء الذي أنزلنا من السماء { أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً } . قال الأخفش : واحد الأناسي : إنسي ، ككرسي ، وكراسي . قاله المبرد ، وهو أحد قولي الفراء وله قول آخر . قال واحد الأناسي : إنسان كأن أصله أناسين ، ثم أبدل من النون ياء ، ثم أدغم الياء التي قبلها فيها . ثم قال تعالى ذكره " : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ } ، أي : قسمنا هذا الماء بين الخلق ليذكروا نعم الله عليهم ويشكروا { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } ، أي : فأبى أكثرهم إلا جحوداً لنعم الله تعالى عليهم . وقال ابن عباس : ما عام أكثر من عام مطرا ، ولكن الله يصرفه بين خلقه في الأرضين كيف يشاء . ثم قرأ الآية . وقال ابن مسعود ليس عام أمطر من عام ، ولكن الله يصرفه ، ثم قرأ الآية . وقوله : { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } ، يقولون مطرنا بنوء كذا . ثم قال تعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } ، أي : لو شئنا لأرسلنا إلى أهل كل مصر نذيراً ينذرهم بأمر الله / فيخف عنك يا محمد كثير من عبء ما حملناك ، ولكن حملناك ثقل نذارة جميع القرى . لتستوجب بصبرك ، ما أعد الله لك من الكرامة عنده ، فلا تطع الكافرين فيما يدعونك إليه من عبادة آلهتهم . { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ } ، أي : بالقرآن حتى ينقادوا . قاله ابن عباس . وقيل " به " : الإسلام ، قاله ابن زيد . وقيل : معناه : { وَجَاهِدْهُمْ } ، بترك الطاعة لهم ، لقوله : { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ } .