Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 105-108)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ( وَلاَ تَكُونُواْ ) كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ } حذر الله المؤمنين أن يكونوا مثل اليهود الذين اختلفوا في كتابهم وتفرقوا فرقاً . أمر الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالجماعة ، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالاختلاف والمراء والخصومات في دين الله . وقال الحسن : هم اليهود والنصارى اختلفوا في دينهم فنهانا الله عن مثل ذلك . ثم أخبر أن هؤلاء المختلفين لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه أي : عذاب عظيم في هذا : اليوم الذي تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه . ويجوز في غير القرآن كسر التاء في { تَبْيَضُّ } و { تَسْوَدُّ } . ومعنى تبيض : تشرق كما قال : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } [ عبس : 38 - 39 ] فهي تشرق لما تصير إليه من [ النعيم ، وتسود وجوه من أجل ما تصير إليه ] من العذاب . قوله { أَكْفَرْتُمْ } معناه : فيقال لهم أكفرتم ؟ قال جماعة من العلماء : عنى بهذا بعض أهل القبلة من المسلمين وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده ليردن على الحوض ممن صحبني أقوام حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني فأقول : يا رب ، أصحابي أصحابي . فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " . قال أبو أمامة { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } : ( هم ) الخوارج . وعن أبي بن كعب أنه قال صاروا يوم القيامة فريقين : يقال لمن اسود وجهه : أكفرتم بعد إيمانكم وذلك الإيمان هو الذي كان قبل الاختلاف حين أخرجهم من ظهور آدم وأخذ منهم عهدهم وميثاقهم ، فقال الله : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [ الأعراف : 172 ] فأقروا كلهم بالعبودية ، وفطرهم على الإسلام ، ثم لما خرجوا إلى الدنيا كفروا ، فيقال لهم يوم القيامة : { أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } فالآية عنده للكفار خاصة . قال : والآخرون فقاموا على إيمانهم المتقدم فهم في رحمة الله خلوداً . وقال الحسن : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } هم المنافقون أظهروا الإيمان وأسروا الكفر . واختار الطبري قول أبي بن كعب أن يكون للكفار ، ويكون الإيمان هو الذي أخذه الله عليهم حين أخرجهم من ظهور آدم كالذر فأقروا بأنه ربهم ثم كفروا بعد ذلك . وذكر النحاس في قوله : { أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } قال : عنى بها اليهود بشروا بالنبي صلى الله عليه وسلم واستفتحوا به قبل بعثه فكان ذلك منهم إيماناً ، فلما بعث كفروا به هذا معنى قوله . قوله : { فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ } أي : في ثواب رحمة الله وهي الجنة وتأولها مالك في أهل الأهواء . وروى أبو أمامة : أنها في الحرورية ، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ، ولا اثنتين ، ولا ثلاثاً ، ولا أربعاً ، حتى بلغ سبعاً . وروى عبد الملك بن مسلمة ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة نادى مناد من عند الله تبارك وتعالى : أين خصماء الله ؟ فتقوم القدرية مسودة وجوههم زرقاً عيونهم قد دلعوا ألسنتهم يسيل لعابهم على صدورهم يقذرهم كل من في القيامة فيقولون : ما لنا ؟ ما عبدنا شمساً ، ولا قمراً ، ولا وثناً ، فيأتيهم النداء من عند الله صدقتم ما عبدتم شمساً ولا قمراً ولا وثناً ولكن جاءكم الكفر من حيث لا تحتسبون " . قوله { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ } أي : هذه آيات الله تتلى عليكم يا محمد بالحق … وليس يريد الله أن يظلم أحداً من خلقه .