Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 160-162)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } الآية . قال ابن إسحاق : هذا بدل من { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ } { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } والذي حرم عليهم هو قوله : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } [ الأنعام : 146 ] الآية . والظلم هنا هو نقضهم الميثاق { وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ } { وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } . { وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } وعلى عيسى . فهذا هو الظلم ، فمن أجله حرمت عليهم الطيبات وهي كل ذي ظفر والشحوم من البقر والغنم . وقوله : { وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي صدوا أنفسهم ، وغيرهم عن الحق { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ } هو قولهم أؤخرك بديني وتزيدني { وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } هو ما يأكلون من الرشا في الحكم ، وعلى تغيير الدين يأخذون أثمان الكتب التي كانوا يكتبونها بأيديهم ، ويقولون هذا من عند الله ، فسمى ذلك باطلاً لأنه أخذ بغير استحقاق . { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ } أي من هؤلاء اليهود { عَذَاباً أَلِيماً } أي موجع أي مؤلماً . قوله : { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ } الآية : نصب { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } عند سيبويه على التعظيم . وقال الكسائي : هو في موضع خفض عطف على " ما " جعل المقيمين هم الملائكة عليهم السلام ، وهو اختيار المبرد ، والطبري . واستبعد المبرد النصب على المدح لأن المدح إنما يكون بعد تمام الخبر ، والخبر لم يأت بعد . ومذهب سيبويه أن " يؤمنون " الخبر فقد أتى قبل الراسخون . ومذهب المبرد أن أولئك الخبر ، فهو لم يأت بعد . وقيل : هو معطوف على قبلك . وقيل : على الكاف في قبلك . وقيل : على الكاف في أولئك . وقيل : على الهاء ، والميم في منهم . وهذه الأقوال الثلاثة عطف فيها على مضمر مخفوض على مذهب الكوفيين ، وهو لا يجوز عند البصريين . قوله : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } في رفعه خمسة أقوال : رفعه عند سيبويه على الابتداء . وقيل : رفع على إضمار مبتدأ . وقيل : عطف على المضمر في المقيمين . وقيل : عطف على المضمر في " يؤمنون " . وقيل : هو معطوف على الراسخين . ومعنى الآية : إن الله تعالى أخبر عن أهل الكتاب أنهم سألوا محمد صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء ، ثم بيّن أنهم ليسوا كلهم قالوا ذلك ، فأخبر أن الراسخين في العلم منهم أي : من أهل الكتاب والمؤمنون أي منهم أيضاً يؤمنون بالقرآن ، والتوراة والإنجيل ، وجميع كتب الله ، وهو ما أنزل من قبل محمد صلى الله عليه وسلم فهم لا يسألون ما سأل أولئك . وقوله : { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } هم من أهل الكتاب أيضاً . قال أبان بن عثمان : هو غلط من الكاتب يعني كونه بالياء وإنما حقه الرفع بالواو وهي قراءة ابن مسعود . وقالت عائشة رضي الله عنها لعروة إذ سألها عن اختلاف الإعراب في { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } وفي { وَٱلصَّابِئُونَ } [ المائدة : 69 ] في المائدة وفي { إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } [ طه : 63 ] في طه ، يا ابن أختي ، هذا عمل الكاتب غلطوا في الكتاب . وفي قراءة عبد الله " والمقيمون " بالرفع . وقال عثمان رضي الله عنه أرى فيه لحناً ، وستقيمه العرب بألسنتها ، يريد المصحف ، وهذه الأحاديث مطعون فيها عند العلماء لصحة جواز خط المصحف على لغة العرب . وإذا كان للشيء وجه لم يجز أن يحمل على الغلط ، وقد ذكرنا أن كونه بالياء له وجوه سائغة في لغة العرب ، ويدل على أنه ليس بخطأ من الكاتب إن في مصحف أُبَيّ { وَٱلْمُقِيمِينَ } أيضاً فلو كان الرفع الصواب لم تجتمع المصاحف على تركه .