Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-18)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ } - إلى قوله - { وَكَانُواْ يتَّقُونَ } ، أي : فأحكمهن ، وفرغ من خلقهن سبع سماوات في يومين ، وذلك : يوم الخميس ويوم الجمعة . قال السدي : ثم استوى إلى السماء وهي دخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها ، فجعلها سبع سماوات في يوم الخميس ويوم الجمعة ، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيها خلق السماوات والأرض . وقوله : { وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } ، معناه : وألقى . في كل سماء ما أراد . من الخلق . قال مجاهد ، معناه : وألقى في كل سماء ما أمر به وأراده . وقال السدي : معناه : وخلق في كل سماء من الملائكة والبحار والجبال ما أراد مما لا يعلم . وقال قتادة : معناه : وخلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها . وقيل : المعنى : وأوحى في كل سماء من الملائكة بما أراد من أمرها . ثم قال تعالى : { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ } ، يعني : بالكواكب . قال السدي : جعل النجوم زينة وحفظاً من الشياطين . وانتصب " حفظاً " على المصدر . قال الأخفش : معناه : وحفظناها حفظاً . لأن جعله فيها الكواكب يدل على أنه حفظها ، لأنه اسم عطف على فعل فلا بد من إضمار فعل لتعطفه على الفعل الذي قبله وتنصب به حفظاً . وقيل : التقدير : وجعلنا المصابيح حفظاً من استراق السمع . وهذا كله مردود على أول الكلام في المعنى . والتقدير : قل ائنكم لتكفرون بمن هذه قدرته ، وتجعلون له أمثالاً وأشكالاً تعبدونها من دونه . وقوله : { ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } ، أي : جميع ما ذكر من الخلق والآيات من تدبير العزيز في نقمته من أعدائه العليم بسرائر خلقه وبكل شيء ، لا إله إلا هو . ثم قال تعالى : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } ، أي : فإن أعرض قومك من قريش يا محمد عنك وعما جئتهم به ، فلم يؤمنوا به ، فقل لهم : أنذرتكم أيها الناس صاعقة تهلككم مثل صاعقة عاد ( وثمود . وقرأ أبو عبد الرحمن والنخعي : صعقة مثل صعقة عاد ) . والصعقة : كل ما أفسد الشيء وغيره عن هيئته . وكذلك الصاعقة . قال قتادة : معناه : فقل ( لهم يا محمد ) : أنذركم وقيعة مثل وقيعة عاد وثمود . وقال السدي : معناه : أنذركم عذاباً مثل عذاب عاد وثمود . { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } . العامل في " إذ : " الصاعقة . والمعنى : حين جاءتهم الرسل من بين أيدي الرسل ومن خلف الرسل ( يعني : جاءت الرسل أبناء الذين أهلكوا بالصاعقة ومن خلف الرسل ) الذين بعثوا إلى آبائهم . وذلك أن الله جل ذكره بعث إلى عاد : هوداً ، فكذبوه من بعد رسل قد كانت تقدمت إلى آبائهم أيضاً فكذبوها فأهلكوا . قال ابن عباس : معناه : أنه يريد الرسل التي كانت قبل هود ، ( والرسل التي كانت بعد هود ) ، بعث الله عز وجل قبله رسلاً ، ( وبعده رسلاً ) بأن لا يعبدوا إلا الله ، فقالوا : لو شاء ربنا لأنزل ملائكة يدعوننا إلى الإيمان به ولم يرسلكم وأنت بشر مثلنا ، ولكنه رضي بعبادتنا ، فنحن بما أرسلتم به كافرون . وقال الضحاك : الرسل الذين من بين أيديهم : من قبلهم ، والذين من خلفهم ، يعني : الذين بحضرتهم . فيكون الضمير الذي في " خلفهم " يعود على الرسل ، وهو مذهب الفراء . وقيل : الذين بين أيديهم ، يعني : الذين بحضرتهم ، ( والذين من خلفهم ، يعني : ) الذين من قبلهم . وقيل : هذا على التكثير ، والمعنى : جاءتهم الرسل من كل مكان بأن لا يعبدوا إلا الله . وقوله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أي : استكبروا عن أمر ربهم وتجبروا وأعجبهم بطشهم وقوتهم ، وما أعطاهم الله من عظم الخلق وشدة البطش ، ونسوا أن الذي خلق ذلك فيهم وأعطاهم إياه هو أشد منهم قوة ، فجحدوا بآيات / الله عز وجل وكفروا بها . فقوله : { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } معطوف على " فاستكبروا " " وقالوا " وما بينهما اعتراض . قال الله جل ذكره : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } . قال مجاهد : أرسل ريحاً شديدة ( السموم ) عليهم . وقال قتادة والسدي : ريحاً صرصراً : باردة ) ، وزاد السدي : ذات صوت . وقال أبو عبيدة : ريحاً شديدة الصوت عاصفة . وأصل الصر في كلام العرب : البرد . قال ابن القاسم : قال مالك : سئلت امرأة من بقية قوم عاد يقال لها : هرطة : أي عذاب الله أشد ؟ قالت : كل عذاب الله شديد ، وسلامته ورحمته : ليلة لا ريح فيها ، ولقد رأيت العير تحملها الريح فيما بين السماء والأرض . ويقال : ما فتح عليهم إلا مثل حلقة الخاتم ، ولو فتح عليهم مثل منخر الثور لأكسبت الأرض . وقوله : { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } . قال ابن عباس : نحسات : متتابعات . وقال مجاهد : نحسات : مشائم . وقال قتادة : نحسات : ( مشائم نكدات ) . وقال ابن زيد : نحسات : ذات شر ، ليس فيها من الخير شيء . وقال الضحاك : نحسات : شداد . { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، أي : عذاب الهوان في الدنيا . { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ } ، أي : أشد ( هواناً ) . { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } ، أي : لا ينصرهم ناصر من عذاب الله فينقذهم . ثم قال تعالى : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } ، أي : وأما ثمود ) فبينا لهم سبيل الحق وطريق الرشاد . قال ابن عباس : " فهديناهم : بينا لهم " . ( وقال قتادة : فهديناهم : بينا لهم سبيل الخير ) والشر . وقال ابن زيد : فهديناهم : أعلمناهم الهدى والضلالة ونهيناهم أن يتبعوا الضلالة ، وأمرناهم أن يتبعوا الهدى فاستحبوا الضلالة على الهدى واختاروها . وقال الضحاك : فهديناهم : أخرجنا لهم الناقة تصديقاً لما دعاهم إليه صالح ، فاستحبوا الكفر على الإيمان . وقال السدي : فاختاروا الضلالة والعمى على الهدى ، وهو قول ابن زيد وغيره . والرفع في " ثمود " عند سيبويه مثل : زيد ضربته . وقيل : إن النصب الإختيار ، لأن " أما " فيها معنى الشرط . والشرط بالفعل أولى ، وبه يكون ، فلا بد من إضماره ، فيعمل في ثمود فينصبه . وقرأ ابن أبي إسحاق بالنصب . ورويت أيضاً عن الأعمش وعاصم وذلك على إضمار فعل مثل : زيداً ضربته . ثم قال : { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } ، أي : فأخذهم العذاب ( المذل المهين ) ، فأهلكهم بما كانوا يكسبون من الكفر . ثم قال : { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ } ، أي : ونجينا المؤمنين من العذاب الذي نزل بالكفار من عاد وثمود .