Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 48-54)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } إلى قوله - { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } ، أي : وما نرى آل فرعون من حجة على صدق ما جاءهم به موسى إلا هي أكبر من أختها ، أي : هي أبين وآكد عليهم في الحجة من التي مضت قبلها . ثم قال : { وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ، أي : ( وأخذنا آل ) فرعون بالجدب والسنين والجراد والقمل والضفادع والدم ، لعلهم يتوبون إلى الله عز وجل ويتركون الكفر . / ثم قال : { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } ، أي : وقال فرعون وملأوه لموسى لما مسهم الضر بالجراد والقمل والضفادع والدم والسنين : يا أيها الساحر ادع لنا ربك بعهده الذي عهد إليك إنا آمنا بك واتبعناك إن كشف عنا الرجز . وإنما خاطبوه بالساحر وهم يسألونه أن يدعو الله لهم ويعدوه بالإيمان ، لأن الساحر عندهم : العالم ، ولم يكن الساحر عندهم ذماً ، فكأنهم قالوا له : يا أيها العالم . وقيل : خاطبوه بذلك على عادتهم معه ، ووعدوه أنهم سيؤمنون به فيما يستقبل ، ومعنى : إننا لمهتدون ، أي : إننا لمتبعوك ومصدقوك إن كشفت عنا العذاب . ثم قال تعالى : { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } . في الكلام حذف ، والتقدير : فدعا موسى ربه أن يكشف عنهم العذاب فكشفه الله عنهم . فلما كشفه عنهم نكثوا وعدهم وتمادوا على كفرهم وتكذيبهم لموسى فنقضوا العهد الذي عاهدوا موسى عليه إن كشف الله عنهم العذاب . قال قتادة : ينكثون : يغدرون . ثم قال تعالى : { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ } الآية ، أي : ونادى فرعون في قومه من القبط { قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } ، أي : من بين يدي في الجنات . قال قتادة : تجري من تحتي ، قال : كانت له جنات وأنهار ماء . وقوله : { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } : ( معناه : أفلا تبصرون أيها ) القوم ما أنا فيه من النعيم والملك وما فيه موسى من الفقر وَعَيِّ اللسان . وقدره الأخفش : " أفلا تبصرون ، أم تبصرون " ، وقدره الخليل وسيبويه : " أفلا تبصرون ، أم أنتم بصراء " . ويكون " أم أنا خير " بمعنى : أم أنتم بصراء ، لأنهم لو قالو له أنت خير لكانوا عنده بصراء . وقوله : { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } ، أي : قال فرعون لقومه : بل أنا خير من موسى الذي هو مهين لا عِزَّ له ولا ملك ولا مال يمتهن نفسه في حاجته . " ولا يكاد يبين " ، ( أي : لا يبين ) كلامه ، للعقدة التي كانت فيه . قال أحمد بن جعفر : تقف على " أفلا تبصرون " ، ثم تبتدئ " أم أنا خير " ، بمعنى : بل أنا خير . قال أبو عبيدة : مجاز " أم " هنا ، مجاز " بل " . وقال يعقوب : الوقف : " أفلا تبصرون أم " ويبتدئ : " أنا خير " . وروى عن مجاهد أنه قال : " أفلا تبصرون أم " انقطع الكلام ثم قال : " أنا خير من هذا الذي هو مهين " ، وكذلك روي عن عيسى بن عمر . والتقدير على هذا الوقف : أفلا تبصرون أم تبصرون فيتم الكلام . ثم حذف " تبصرون " الثاني لدلالة الأول عليه فتقف على " أم " لأنها منتهى الكلام . وقيل : إن من وقف على " أم " جعلها زائدة ، وكأنه وقف على " تبصرون " من قوله : " أفلا تبصرون " . ولا يتم الكلام على " تبصرون " عند الخليل وسيبويه لأن " أم " تقتضي الاتصال بما قبلها . وقوله : " أنا خير من هذا الذي هو مهين " مع " أم " في موضع قوله : أم أنتم بصراء . ثم قال تعالى : حكاية عن قول فرعون : { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ } ، أي : فهلا كان في يد موسى أساورة ذهباً وواحد الأساورة : إسوار . وفي قراءة أبي : أَسَاوِرُ من ذَهَبٍ . فهذا يدل على أن الواحد إسوار . ولكن لما دخلت الهاء في أساورة حذفت الياء لأنهما يتعاقبان في هذا النحو ، نحو : دهاقين ودهاقنة ، ( وجحاجيح وجحاحجة ) ، وزناديق وزنادقة ، الهاء عوض من الياء ، والواحد دهقان وجحجاح وزنديق ، وحسن انصرافه لدخول هاء التأنيث فيه . وقال الزجاج : إنما انصرف لأن له في الواحد نظيراً نحو علانية وعباقيه . وفيه ثلاث لغات حكاها الكسائي وغيره ، يقال : إِسْوَار وسِوَار وسُوَار بمعنى . وقيل : إن أساورة يجوز ( أن يكون ) جمع أسورة ، وأسورة جمع سُوار وَسِوَارٌ . والعرب تسمي الرجل الحاذق بالرمي ( بِأُسْوَارُ ) إذا كان من رجال العجم . وقوله : { أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } . هذا من قول فرعون ، أي : لو كان موسى صادقا لجاء معه الملائكة ، قد اقترن بعضهم ببعض متتابعين ، يشهدون بصدقه فيما يقول . قال مجاهد : مقترنين : " يمشون معه " . وقال قتادة : مقترنين : متتابعين ، وقال السدي : " يقارن بعضهم بعضاً " . قال الله : { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } ، أي : فاستخف فرعون عقول قومه من القبط بقوله ، فقبلوا منه فأطاعوه على الكفر وتكذيب موسى . { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } ، أي : خارجين عن طاعة الله سبحانه بكفرهم وتكذيبهم لموسى وتركهم قبول ما جاءهم به .