Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } الآية . الطيبات - هنا - الحلال من الذبائح . وقيل : هي كل ما تلذذ به من الحلال . { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } أي : ذبائحهم ، { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } ( أي ) ذبائحنا جائز ( لنا ) أن نطعمهم إياها ، فتحليل ذلك هو لنا لا لهم ، ومثله قوله { وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } [ الممتحنة : 10 ] أي : أعطوهم ما أنفقوا ، فالأمر لنا لاَ لَهم ، لأنهم ليسوا ممن يؤمن بالقرآن فيكون الأمر لهم . ومذهب الشعبي وعطاء وغيرهما أنه تؤكل ذبائحهم وإن سَمَّوا عليها غير اسم الله ، وهذا عندهم ناسخ لقوله { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام : 121 ] ، ويروى ذلك عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت . ومن العلماء من قال : هذا استثناء وليس بناسخ لِما في الأنعام ، تؤكل ذبائح أهل الكتاب وإن ذُكِر عليها اسم المسيح . ومذهب عائشة رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب وابن عمر أنه لا تؤكل ذبيحة الكتابي [ إذا ] لم يسم عليها . و " كان " مالك يكره ذلك ولم يحرمه . وأما إن ذكر عليه اسم المسيح فلا تؤكل عند مالك . وكره مالك ذبائح أهل الكتاب لكنائسهم ولم يحرمه . فأما ذبيحة المجوسي فلا تؤكل . وذبيحة نصارى تغلب لا تؤكل . وقال ابن عباس : تؤكل ذبائحهم ، وهم بمنزلة غيرهم ، وقال بذلك غيره من الفقهاء . وقال علي بن أبي طالب : لا تؤكل ذبائحهم ، وبه قال الشافعي : فأما الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجوس : " سُنّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتابِ " فإنه غير متصل الإسناد ، ( و ) أيضاً فإن الحديث إنما جرى على سبب الجزية لا غير ، وقوله " سُنُّوا بهم سُنَّةَ أهلِ الكتابِ " يدل على أنهم ليسوا منهم . وقوله { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي : أحل لكم الحرائر من المؤمنات والحرائر من الذين أوتوا الكتاب - نصرانية أو يهودية - ، إذا أعطيتها صداقها وهو { أُجُورَهُنَّ } . وقيل : المحصنات - هنا - العفائف من هؤلاء ومن هؤلاء ، فأجاز قائل هذا / نكاح الإماء من أهل الكتاب وتحريم غير العفائف من الجميع ، قال ذلك مجاهد ، وقاله سفيان والسدي . والحربية من أهل الكتاب - وغيرها سواء - جائز نكاحها . ومن قال : المحصنات العفائف ، فالحربية - من الإماء والحرائر - جائز نكاحها عنده ، ومذهب مالك وغيره أن إماء أهل الكتاب لا يجوز نكاحهن . وروي أن ثواب الرجل مع الزوجة المؤمنة أفضلُ من ثوابه مع الزوجة الكتابية ، وروي أن الرجل إذا قبَّل زوجته المؤمنة ، كتب له عشرون حسنة ، وإذا جامعها كتب له عشرون ومائة حسنة ، فإذا اغتسل منها ، لم يمرّ الماء بشعرة من جسده إلا كتبت ( له ( عشر ) ) حسنات ومحي عنه عشر سيئات ، وباهى الله به الملائكة فقال : انظُروا إلى عبدي قام في ليلة [ قَرَّةٍ ] يَغتَسِلُ من خَشْيَتي ، ورَأَى أن ذلكَ ( حقٌّ لي ) عليه ، اشهدوا يا ملائكتي أنّي قَد غَفرتُ لَه . وروي أن المرأة لا تضع شيئاً من بيت زوجها ، تريد بذلك إصلاحه ، ولا ترفعه إلا كتب لها عشر حسنات ومحي عنها عشر سيئات ، فإذا حملت ثم طلقت ، فلها بكل طلقة كأنما أعتقت نسمة ( من ولد إسماعيل ) خير النسم ، فإذا أرضعت كان لها بكل مصة عشر حسنات ومحي عنها عشر سيئات ، فإذا أفطمته نادى منادٍ من السماء : أَيَّتُها المرأة قد غفر لك فاستأنفي العمل . وروي عن ( ابن المسيب ) والحسن أنهما كانا لا يريان بأساً بنكاح إِماء اليهود والنصارى . و ( قد ) قيل : عنى بذلك نساء أهل الذمة من أهل الكتاب خاصة ، ونساء أهل الحرب حرام ، روي ذلك عن ابن عباس . قوله { مُحْصِنِينَ } أي : أعِفّاء ، { غَيْرَ مُسَافِحِينَ } أي : غير مزانين ، { وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ } أي : أَخِلاّءٌ على الزّنى ، والخدن : الخليل للمرأة يزانيها . قوله { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ } أي : بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : بالإيمان بالله عز وجل وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : بالإيمان : بما نزل من الحرام والحلال والفرائض . ونزل ذلك في قوم تَحَرَّجوا نكاح [ نساء ] أهل الكتاب ، فأنزل الله { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } ، أي من يردّ من أتى به محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : الإيمان - هنا - التوحيد ، وهو مثل قوله { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] ومثل قوله { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً } [ آل عمران : 85 ] الآية .