Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 20-28)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } إلى قوله : { وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ } الآيات . أي : وفي الأرض عبر وعظات لأهل اليقين بالله إذا ساروا فيها . قال قتادة : في الأرض معتبر لمن اعتبر . وقال ابن جبير : إذا ساروا في الأرض رأوا عبراً ، وآيات عظاماً . ثم قال : { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } . قال ابن الزبير : معناه وفي سبيل الخلاء ، يعني سبيل الغائط [ والبول ] من أنفسكم أفلا تبصرون ، أي : في خلق ذلك وتدبيره وتيسيره عبرة لمن اعتبر . وقيل في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : وفي الأرض وفي أنفسكم آيات للموقنين أفلا تبصرون . وقيل : هو على الحذف / لدلالة الأول عليه تقديره وفي الأرض آيات للموقنين ، وفي أنفسكم آيات أفلا تبصرون . وقال قتادة : معناه أن يتفكر الإنسان في نفسه فيعرف أنه إنما لينت مفاصله للعبادة . وقال ابن زيد : معناه : وفي خلقكم من تراب وجعله لكم السمع والبصر والفؤاد وغير ذلك [ عبرة ] لمن أعتبر ، وهو مثل قوله { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } [ الروم : 20 ] . وقيل : معناه : وتأكلون وتشربون في مدخل واحد ويخرج من موضعين . ثم قال : { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } يعني : المطر الذي يخرج به النبات قاله الضحاك وسفيان ابن عيينة وغيرهما . وقال الثوري : معناه ومن عند الله الذي في السماء رزقكم . وقيل : معناه : وفي السماء تقدير رزقكم ، أي : فيها مكتوب يرزق فلان كذا وفلان كذا . وقال مجاهد : معنى : { وَمَا تُوعَدُونَ } [ يعني من خير وشر . وقال الضحاك معناه : وما توعدون ] من الجنة والنار في السماء هو . وقال سفيان [ بن عيينة ] : { وَمَا تُوعَدُونَ } : يعني الجنة . ثم قال : { فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ } هذا قسم الله جل ذكره بنفسه ، أن الذي أخبرهم به من أن رزقهم في السماء وفيها ما يوعدون حق ، كما أنهم ينطقون حق . قال الحسن : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قاتل الله عز وجل أقواماً أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه " ومن نصب " مثل " فهو عند سيبويه مبني لما أضيف إلى غير متمكن ونظيره { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ } [ هود : 66 ] في قراءة من فتح . وقال الكسائي : هو نصب على القطع ، ونصبه الفراء على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره إنه ( لحق كمثل ذلك حقاً ) مثل نطقكم ، وأجاز أن يكون أنتصب على حذف الكاف ، والتقدير عنده " أنه لحق كمثل ما أنكم " ، فلما حذف الكاف نصب ، وأجاز زيد مثلك بالنصب على تقدير حذف الكاف ، ويلزمه على هذا أن يجيز " عبد الله الأسد " بالنصب على تقدير " كالأسد " ، فينصبه إذا حُذف الكاف ، وهذا لا يجيزه أحد . وقد امتنع من إجازته الفراء وغيره ، واعتذر في جوازه مع " مثل " أن الكاف تقوم مقام " مثل " فأما من رفعه ، فإنه جعله نعتاً لحق . ثم قال : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } هذه الآية تنبيه للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يحل بقومه إن تمادوا على غيهم ما أحل بقوم لوط ، ومذكر قريشاً لما فعل بالأمم قبلهم ، إذ كفروا وعصوا ليزدجروا ويتعظوا ، وإنما قيل لهم " المكرمين " لأن إبراهيم وسارة خدماهم بأنفسهما على جلالة قدرهما . وقال مجاهد : أكرمهم إبراهيم وأمر أهله لهم بالعجل . وقيل إنما وصفوا [ بذلك ] لأن الله أكرمهم واختارهم إذ أرسلهم إلى إبراهيم وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ( صلوات الله عليهم ) . ثم قال : { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } أي : حين دخلوا على إبراهيم : { فَقَالُواْ سَلاَماً } أي : سلَّموا سلاماً . وقال المبرد : معناه / سلمنا سلاماً ، فهو مصدر عنده . وأبو حاتم يرى أن " سلاماً " وقف كاف ، قال سلاماً كاف أيضاً . قوله : { قَالَ سَلاَمٌ } أي : قال لهم إبراهيم سلام عليكم . ومن قرأ سلام فمعناه قال لهم إبراهيم : أنتم سلام { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } أي : ننكركم ولا نعرفكم . ثم قال : { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } أي : عدل إليهم ، ورجع في خفية . { فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } جاء أضيافه بعجل مشوي سمين ، وكان عامة مال إبراهيم صلى الله عليه وسلم البقر . ثم قال : { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } في هذا الكلام حذف ، والتقدير : فقربه إليهم فأمسكوا عن الأكل ، فقال : ألا تأكلون ؟ { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أي : أضمر في نفسه منهم خوفاً حين امتنعوا من الأكل . { قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ } أي : عليم إذا كبر . قال مجاهد : هو إسماعيل ، وقال غيره هو إسحاق . ومذهب الطبري . وهو الصواب إن شاء الله أنها : سارة الحرة ، وأم إسماعيل إنما كانت أمة اسمها هاجر . ويدل على أنه إسحاق قوله في موضع آخر { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ } ، فهذا نص ظاهر لا يحتاج إلى تأويل .