Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 154-155)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ } ، إلى قوله : { خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } . قوله : { لِرَبِّهِمْ } . قال المبرد " اللاَّم " متعلقة بمصدر ، والمعنى : { وَٱلَّذِينَ } وَهَبَتُهُمْ لِرَبِّهم . وقال الكوفيون : هي زائدة . وسمع الكسائي الفرزدق يقول : " نَقَدتُ لَهَا مِائةَ دِرْهِمٍ " ، بمعنى " نَقَدْتُهَا " . وحكى الأخفش : أن المعنى ، والذين هم من أجل ربهم يرهبون . والمعنى : ولمّا سكن عن موسى ( عليه السلام ) ، غَضَبُهُ . يقال : سَكَتَ سَكْتاً ، إذا سَكَنَ ، وسَكَتَ سُكُوتاً وسُكْتاً ، إِذَا قَطَعَ الكَلاَمَ . { أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ } . أي : أخذها بعدما ألقاها ، وقد ذهب منها ما ذهب . وقيل المعنى : ولما سكت موسى ، ( عليه السلام ) ، عن الغضب ، مثل : أدخلت القلنْسُوَةَ في رأسي . { وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ } . أي : فيما كتب منها هدى ورحمة ، { لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } ، أي : يخافون الله ، ( عز وجل ) . وقيل المعنى : في الذي وجد فيها بعدما تَكَسَّرَتْ هدى ورحمة . وقال ابن كيسان : جُدِّدَت له في لوحين . ثم قال تعالى : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا } . قال السدي : أمر ( عز وجل ) موسى ( عليه السلام ) ، أن يأتيه في ناس [ من ] بني إسرائيل ، يعتذرون من عبادة العجل ، فاختار منهم سبعين رجلاً ، فلما أتوا ذلك المكان ، قالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فإنَّك قد كلمته . فَأَرِنَاه فأخذتهم الصاعقة فماتوا ، فقام موسى ، ( عليه السلام ) ، يبكي ويدعو ويقول : ربِّ ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم ، وقد أهلكت خيارهم ، ربّ لو شئت أهلكتهم من قبل وإيَّاي ! قال ابن عباس : لما مضوا معه ليدعوا ربهم ، عز وجل ، كان فيما دعوا أن قالوا : اللهم أعطنا ما لم تعطه أحداً قبلنا ، ولا تعطه أحداً بعدنا ، فكره الله ، عز وجل ، ذلك من دعائهم ، فأخذتهم الرجفة . قال / الكلبي : قال السبعون لموسى ( عليه السلام ) : يا موسى ، إن لنا عليك حقاً ، كنا أصحابك ، ولم نختلف عليك ، ولم نصنع الذي صنع قومنا ، فأرنا الله جهرة كما رأيته . قال موسى ( عليه السلام ) : لا والله ما رأيته ، ولقد أردته على ذلك فأبى ، وتجلى للجبل ، فكان دكاً ، وهو أشد مني ، وخررت صعقاً ، فلما أفقت سألت الله عز وجل ، واعترفت بالخطيئة . فقالوا : فإنا لن نؤمنن لك حتى نرى الله جهرة . فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا من آخرهم . فظن موسى ( عليه السلام ) أنهم إنما احترقوا بخطيئة أصحاب العجل ، فقال : { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } ، يعني أصحاب العجل ، ثم بعثهم الله ، ( عز وجل ) ، من بعد موتهم . وروي عن علي أنه قال : انطلق موسى وهارون إلى صفح جبل فتوفى الله ، ( عز وجل ) هَارُونَ . فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل ، قالوا له : أين هارون ؟ قال : توفاه الله ( عز وجل ) قالوا : أنت قتلته ، حسدتنا على خُلقه ولينِهِ ، قال : فاختاروا من شئتم ! فاختاروا سبعين رجلاً ، فلما انتهوا إليه ، قالوا : يا هارون ، من قتلك ؟ قال : ما قتلني أحد ، ولكن توفاني الله ، ( عز وجل ) ! قالوا : يا موسى لن تعصى بعد هذا اليوم ( أبداً ) ، فأخذتهم الرجفة . فجعل موسى ، ( عليه السلام ) ، يرجع يميناً وشمالاً ، ويقول : { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } ، قال : فأحياهم الله ، ( عز وجل ) ، وجعلهم أنبياء كُلَّهُمْ . قال ابن عباس : إنما أخذتهم الرجفة ، ونزل بهم البلاء ؛ لأنهم لم يرضوا بعبادة العجل ، ولا نهوا عنه . والصحيح أن الرجفة إنما أخذتهم حين سألوا موسى ، ( عليه السلام ) ، أن يريهم الله جهرة . قال ابن جريج : إنما أخذتهم الرجفة من أجل أنهم لم يكونوا باينوا قومهم حين اتخذوا العجل . وهو قول موسى ، ( عليه السلام ) ، : { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } . وقال ابن عباس : إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يرضوا ولم ينهوا عن العجل . قال السدي : كان موسى ( عليه السلام ) ، يظن أن السبعين ممن لم يتخذ العجل ، فقال : { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } ، أي : بما فعل غيرنا ، فأوحى الله ، ( عز وجل ) ، إليه ، أنّ هؤلاء ممن عبد العجل ، فعند ذلك ، قال موسى ( عليه السلام ) : { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ } . وقيل المعنى : أتهلك من بقي بما فعل هؤلاء السفهاء ، إذ سألوا رؤية الله ( سبحانه ) ، [ جهرة ] ، وذلك أنه قال : لئن انصرفت إلى من بقي بغير السبعين كفروا وهلكوا . فالسفهاء على هذا ، هم الذين كانوا معه ، قال ذلك : ابن إسحاق . وقال ابن زيد المعنى : أتهلك هؤلاء السبعين بما فعل غيرهم ممن عَبَدَ العجل . ومعنى { أَهْلَكْتَهُمْ } : أمتهم . قال ابن كيسان : المعنى { لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ } ، أي : بذنبهم ، إذ لم ينهوا عن عبادة العجل . { وَإِيَّايَ } . أي : بذنبي ، إذ قتلت القبطي ، فرحمتنا ، ولم تهلكنا بذنوبنا نحن . أفتهلكنا بذنوب الذين عبدوا العجل ؟ أي : ليست تهلكنا بذلك . وقوله : { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } . أي : [ ما ] هذه الفعلة التي فعلوا إذ عبدوا العجل ، إلا فتنة منك أصابتهم . و " الفِتْنَةُ " : الابتلاء والاختبار . وقال ابن جبير : { فِتْنَتُكَ } : بليتك . وقال ابن عباس : عذابك . { أَنتَ وَلِيُّنَا } . أي : ناصرنا . { فَٱغْفِرْ لَنَا } . أي : استر ذنوبنا . { وَٱرْحَمْنَا } . أي : تَعَطَّفْ عَلَيْنَا .