Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-157)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ / إِلَيْكَ } ، [ الآية ] . [ والمعنى : إن الله أعلمنا أن موسى دعاه فقال : { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } ، وهي الصالحات من الأعمال ، { وَفِي ٱلآخِرَةِ } ، أي : المغفرة . قال ابن جريج : { حَسَنَةً } ، مغفرة . { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } . أي : تبنا . وقال علي : إنما سميت اليهود يهوداً ؛ لأنهم قالوا : { هُدْنَـآ إِلَيْكَ } . قال الله ، ( عز وجل ) : { عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } . أي : كما أصبت هؤلاء أصيب من أشاء من خلقي بعذابي . { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } . أي : عمت خلقي كلهم . وقيل المعنى : إنَّه خُصُوصٌ ، والمعنى : ورحمتي وسعت المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } . قال ابن عباس : جعل الله ، ( عز وجل ) ، الرحمة لهذه الأمة . وروى سفيان : أن إبليس لما سمع : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } ، قال : أنا من " الشيء " فنزعها الله ( عز وجل ) من إبليس ، فقال : { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } ، فقالت اليهود : نحن نتقي ونؤتي الزكاة ، وتؤمن بآيات ربنا أفنزعها الله من اليهود ، فقال : { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ } ، الآيات كلها . فجعلها في هذه الأمة . قال الحسن : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } ، ( وسعت ) البَرَّ والفاجر في الدنيا ، وهي للمتقين في الآخرة ، وكذلك قال قتادة . وروى أبو هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن لله ، ( عز وجل ) ، مائة رحمة ، أنزل منها رحمةً واحدةً بَيْنَ الخَلْقِ ، الجِنَِّ ، والإِنْسِ والبَهَائِمِ والهَوَامَ ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ ، وَبِهَا يَتَراحَمُونَ ، وَبِهَا تَتَعَاطَفُ الوُحُوشَ عَلَى أَوْلاَدِهَا ، وَأَخَّرَ تِسْعاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ " . وقال عطاء : خلق الله ( عز وجل ) ، مائة رحمة ، فجعل رحمة واحدة بين خلقه ، بما يتراحم الناس والبهائم والطير على أولادها ، حتى إن الطير ليؤخذ على فراخه ، وأخر تسعاً وتسعين رحمة لنفسه ، فإذا كان يوم القيامة جمع هذه الرحمة إلى التسع والتسعين فوسعت رحمته كل شيء . وعن كعب أنه قال : ينظر الله ، ( عز وجل ) ، إلى عبده يوم القيامة ، فيقول : خذوه ، فيأخذه مائة ألف ملك حتى يتفتت في أيديهم ، فيقول : أما ترحموننا ؟ فيقولون : وكيف نرحمك ؟ ولم يرحمك أرحم الراحمين . روى جميعه نُعَيْم بن حماد . قال ابن زيد : معنى : اكْتُبْ " ، أي : أكتب في اللوح الذي كتب فيه التوراة . قال ابن عباس : { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ، أي : يتقون الشرك . وقيل المعنى : يتقون المعاصي . قال ابن عباس : { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ } ، أي : يعملون بما يُزَكُّونَ به أنفسهم من صالحات الأعمال . وروى زيد بن أسلم : أن عيسى ، عليه السلام ، قال : يا رب ، نبئني عن هذه الأمة المرحومة ، التي جعلت فيها من الخير ما جعلت ، قال : هم يا عيسى علماء حكماء ، كأنهم أنبياء . وذكر زيد أيضاً : أن موسى ، عليه السلام ، قال : يا رب ، نبئني عن هذه الأمة المرحومة ، قال : أمة محمد ، ( عليه السلام ) ، قال : نعم ، قال : ( هم ) يا موسى يرضون منّي بالقليل من العطاء إذا أعطيتهم ، وأرضى منهم بالقليل من العمل ، أدخل أحدهم الجنة ، أن يقول : لا إله إلا الله . قال النحاس في معنى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } ، أي : من دخل فيها ، لَمْ تعْجِز عنه . وقال ابن عباس : ومجاهد ، وغيرهما : { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ، يعني أمة محمد ، عليه السلام . قال ابن جبير : لما قال الله ، ( عز وجل ) ، لموسى : { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ، قال موسى : يا رب ، أتيتك بِوَفْدِ بني إسرائيل فجعلت وفادتنا لغيرنا ! فأنزل الله ( عز وجل ) ، { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } . قال قتادة : { يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } ، أي : يجدون نَعْتَهُ وَصِفَتَهُ . { يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ } . أي : يأمر أتباعه بالمعروف . { وَ / يَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ } . وهو ما حرمته العرب من : البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي . { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ } . " الخبائث " عند مالك في هذه الآية : الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل به لغير الله ، والزنا ، والخمر ، وشبه ذلك . { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } . أي : عهدهم الذي كان أخذ على بني إسرائيل أن يعلموا بما في التوراة ، قاله ابن عباس : والحسن ، وغيرهما . وقيل : هو ما أُلْزِمُوه مِن قَطْع ما أصابه البول . وقوله : { وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } . هو قول الله ، ( عز وجل ) : { غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ } [ المائدة : 64 ] ، من آمن بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، لم تُغَلَّ يده . وقيل : الأغلال إنما هو تمثيل ، وهي أشياء كُلِّفوها فصارت إلى أعناقهم لازمة بمنزلة الأغلال . { وَعَزَّرُوهُ } . أي : وقَّروه ، وحَمَوْه من النَّاس . { وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ } . أي : القرآن سمي نوراً ؛ لأنه في البيان والاهتداء به ، بمنزلة النُّور الذي يُهْتَدَى به . وقرأ الجَحْدَري وعيسى : " وَعَزَرُوهُ " ، مخففاً . وروي عن أبي بكر عن عاصم : " وَيَضَعُ عَنْهُمُ أَصْرَهُم " ، بفتح الهمزة ، لغة .