Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 33-34)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، إلى قوله : { لاَ يَعْلَمُونَ } . والمعنى : وما كان الله ليعذِّب هؤلاء الذين تمنوا العذاب وأْنت مقيم بين أظهرهم . وكان قد نزلت عليه وهو مقيم بمكة . ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، من مكة ، فاستغفر من بها من المؤمنين ، فنزلت عليه بعد خروجه : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } . ثم خرج أولئك البقية من المؤمنين ، فأنزل الله ، عز وجل : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، الآية ، بالمدينة ، فعذَّب الله ، ( عز وجل ) . الكفار ، إذْ أذِنَ للنبي صلى الله عليه وسلم ، بفتح مكة ، فهو العذاب الذي وُعِدوا به . قال ذلك ابن أبي أبزى . وقال أبو مالك نزل الجميع بمكة ، فقوله : { وَمَا كَانَ [ ٱللَّهُ ] لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ، { وَمَا كَانَ [ ٱللَّهُ ] مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، يعني : من بِها من المسلمين { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني : من بمكة من الكفار . فمعنى : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، أي : خاصة ، فعذبهم الله ( عز وجل ) . بالسيف ، وفي ذلك نزلت : { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] ، الآية . وهو النَّضْر . سأل العذاب . ورُوِيَ عن ابن عباس [ أنَّ ] المعنى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } ، يا محمد ، أيْ : حتى نخرجك من بين أظهرهم ، { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، قال : كان المشركون يطوفون بالبيت يقولون : " لبَّيْك لبَّيْك ، لا شريك لك " ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم " قَدْ ، [ قَدْ ] " ، فيقولون : " إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك " ، ويقولون : " غُفرانك ، غُفرانك " ، فهذا استغفارهم . قال : وقوله : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني في الآخرة . وقال قتادة المعنى : { وَمَا كَانَ ( ٱللَّهُ ) مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، أي : لو استغفروا لم يعذّبهم ، ولكنهم ليس يستغفرون ، فلذلك قال : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، وهم لا يستغفرون ، ويصدون عن المسجد الحرام . وهو اختيار الطبري . قال : كما نقول : " ما كنتُ لأُحسن إليك وأنت تسيء إليَّ " ، يراد به : لا أحسن / إليك إذا أسَأْتَ إليَّ ، أي : لو أسَأْتَ إِلَيَّ لم أُحسن إليك . وكما قال : @ بِأَيْدِي رِجالٍ لَمْ يَشِيمُوا سُُيُوفَهُمْ وَلَمْ تَكْثُرِ الْقَتْلَى بِهَا حِين سُلَّتِ @@ أي : إنما شاموها بعد أن كثرت القتلى . وشمتُ السيف من الأضداد ، شمتُه : سللته وأغمدته . وقال بعض العلماء : هما أمانان أنزلهما الله عز وجل ، فالواحد قد مضى وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، والثاني باق وهو استغفار من الذنوب ، فمن استغفر ( أمِنَ ) من نزول العذاب به في الدنيا . وقال ابن زيد معنى : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، أي : لو استغفروا لم أعذبهم . وهم لا يستغفرون ، فما لهم ألاَّ يُعَذَّبوا . وهو قول قتادة الأول . ومعنى ذلك قال السدي . وقال عكرمة المعنى : لم يكن الله ليعذبهم وهم يُسلمون . و " الاستغفار " هنا : الإسلام . وقال مجاهد : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، أي : وهم مسلمون ، { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني : قريشاً ، بصدهم { عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } . ورُوِيَ عن ابن عباس ، أيضاً أنَّه قال : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، [ أي : ] فيهم من سبق له [ من الله ] الدخول في الإسلام ، فاستغفار مقدر فيهم يكون قال : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني : يوم بدر بالسيف . ورُوِيَ عنه أيضاً : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } : وهم يصلون . ورُوِيَ عنه أيضاً : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، وفيهم مؤمنون يستغفرون ، فلما خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، أنزل الله عز وجل : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني : من بقي من الكفار بمكة . وعن مجاهد أيضاً : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } : يصلون . وكذلك قال الضحاك . ورُوِيَ عن عكرمة ، والحسن أنهما قالا : قوله : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، يعني : المشركين ، ثم نسخ ذلك قوله : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ [ ٱللَّهُ ] وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } . وقيل المعنى : وأولادهم يستغفرون ، قد سبق في علم الله ، عز وجل ، أنهم يؤمن أولادهم ويستغفرون ، فلم يكن ليعذب هؤلاء بالاستئصال . وقد سبق أنهم يلدون من يؤمن ويستغفر . وقيل المعنى : وفيهم من يستغفرون . وهم من كان بمكة بين أظْهُرهم من المؤمنين لم يخرجوا بعد من المستضعفين وغيرهم ، وقاله الضحاك . قال : وقوله : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني : الكفار خاصة . قال مجاهد : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } : يصلون ، يعني : من بمكة من المؤمنين . وقوله : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } . " أنْ " : في موضع نصب . والمعنى : وأي شيء لهم في دفع العذاب عنهم . وهذه حالهم . وقيل : هي زائدة . وقيل المعنى : وما كان يمنعهم من أن يعذبوا . وهذه حالهم . قوله : { وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ } . يعني : مشركي قريش . { إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } . يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وقال مجاهد { إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } ، أي كانوا أو حيث كانوا . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } . أي : أكثر المشركين : { لاَ يَعْلَمُونَ } ، أنّ أولياء الله هم المتقون ، بل يحسبون أنهم هم أولياء الله . ومن قال : إنّ قوله : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، يعني به المؤمنين ، وقف على : { وَأَنتَ فِيهِمْ } ؛ لأن الأول للكافرين ، والثاني للمؤمنين ، وهو قول الضحاك ، وعطية ، وابن عباس في بعض الروايات عنه . ومن قال : إنّ الكلام كله للكفار ، وهو ما روي عن ابن عباس ، وأبي زيد ، والسدي ، لم يقف على : { وَأَنتَ فِيهِمْ } . { وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ } ، وقف . والأحسن في هذه الآيات أن يكون المعنى : أن منهم من سيؤمنُ فيستغفر ، وقد علم الله عز وجل ، ذلك منهم ، فهو قوله : { وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ، / أي : سيكون منهم ذلك ، ومنهم من يموت على الكفر ، علم الله ذلك منهم ، فهم الذين قيل فيهم : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } ، والسورة مدنية كلها .