Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 35-36)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } ، إلى قوله : { يُحْشَرُونَ } . رُوي عن أبي بكر عن عاصم : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ } ، بالنصب ، { إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } ، بالرفع ، مثل قول الشاعر : @ يكون مِزَاجَهَا عسل وماء . @@ ومعنى الآية : وما كان يا محمد ، صلاة هؤلاء المشركين عند البيت الحرام { إِلاَّ مُكَآءً } ، أي : تصفيراً ، { وَتَصْدِيَةً } ، أي : تصفيقاً . يُقال : مَكا يَمْكُو مَكْواً ومُكاءً ، إذا صَفَر . وصدَّى يُصدِّي تصدية ، إذا صفَّق . وقال ابن زيد ، وابن جبير : ( التصدية ) : صدهم عن سبيل الله . وهذا إنما يجوز على أن تقدر أنَّ " الياء " بدل من " دال " ، مثل : تظَنَّيتُ في تَظَنَّنْتُ . وحكى النحاس : أنه يجوز أن يكون معناه : الضجيج والصياح ، من قولهم : " صدَّ يَصُدُّ " إذا ضجَّ . وتبدل من إحدى " الدالين " " ياء " أيضاً كالأول ، وأصله : " تَصْدِدَة " في القولين جميعاً ، ثم أبدلت من " الدال الثانية " " ياء " . قال ابن عباس : كانت قريش تطوف حول البيت عراة يُصفرون ويصفقون ، فأنزل الله عز وجل ، { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } [ الأعراف : 32 ] ، فأُمروا بلبس الثياب . وقال مجاهد " المُكاء " : إدخالهم أصابعهم في أفواههم ينفخون ، و " التَّصْدِيَةُ " : الصفير ، يريدون أن يشغلوا بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم عن الصلاة . وقال قتادة " المُكَّاءُ " : الصَّفير بالأيدي ، و " التَّصْدِيَةُ " : صياح كانوا يعارضون به القرآن . وقال السدي " المُكاء " : صفير على لحن طير أبيض يقال له : " المُكَّاء " ، يكون بأرض الحجاز . وقوله : { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } . هو العذاب بالسيف الذي نزل بهم يوم بدر . وهذا ذوق بالحس يصل ألمه إلى القلب كما يصل الذوق في مرارته وطيبه إلى القلب فسمي ذوْقاً لذلك . ثم أخبرنا ، تعالى ، أنّ الذين كفروا يعطون أموالهم للمشركين مثلهم ليتقوَّوا بها على قتال النبي صلى الله عليه وسلم ، فيصدون بذلك عن سبيل الله ، وهو الإسلام ، فيسنفقون أموالهم { ثُمَّ تَكُونُ } نفقتهم عليهم { حَسْرَةً } ؛ لأنَّ الأموال تذهب ، ولا يصلون إلى ما أمَّلوا ، فذهابها في الدنيا حسرة عليهم ، وما اجترحوا من إثمها عليهم حسرة في الآخرة أيضاً ، { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } ، ولا تنفعهم نفقتهم ، وهم إلى ربهم يحشرون في المعاد . قال ابن أبزى : نزلت هذه الآية في أبي سفيان ، استأجر يوم أُحد ألفين ليقاتل بهم النبي عليه السلام ، سوى من استجاش من العرب . قيل : إنَّه أنفق أربعين أوقية [ من ذهب ] ، يوم أحد ، والأوقية يومئذ : اثنان وأربعون مثقالاً . وذلك أنه لما وصل بالعير إلى مكة دعا الناس إلى القتال ، فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل إلى أحد . وكانت بدر في رمضان ، يوم جمعة صبيحة عشرة من رمضان . وكانت أحد في شوال يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت منه في العام الثاني من بدر ، وهو العام الرابع من الهجرة . وروى جماعة من التابعين : أن أبا سفيان لما سلم بعيره [ إلى مكة ] / كانت العير لجماعة ، فتكلم قريش إلى أصحاب العير أن يعينوهم بمالها على حرب النبي عليه السلام ، ليطلبوا أَثْأَرهُم ففعلوا ، فأنزل الله ، عز وجل : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } الآية .