Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 49-51)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } إلى قوله : { لِّلْعَبِيدِ } . المعنى : واذكر ، يا محمد ، { إِذْ يَقُولُ } . وقيل المعنى : { لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الأنفال : 42 ] ، في هذه الأحوال ، وحين يقول المنافقون : كذا وكذا . و { ٱلْمُنَافِقُونَ } هنا : نَفَرٌ لم يستحكم الإيمان في قلوبهم من مشركي قريش ، خرجوا مع المشركين من مكة وهم على الارتياب ، فلما رأوا قلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : { غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ } ، حتى قدموا على ما قدموا عليه ، مع قلة عددهم . وقال الحسن : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر ، فسموا : " منافقين " . وقال معمر : هم قوم أقروا بالإسلام بمكة ، ثم خرجوا مع المشركين إلى بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : { غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ } . قال ابن عباس : إنّما قالوا ذلك حين قلل الله المسلمين في أعين المشركين ، فظنوا أنهم يغلبون لا محالة . وقوله : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } . أي : يسلم أمره إلى الله عز وجل { فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } ، أي : لا يغلبه شيء ، ولا يقهره أمر { حَكِيمٌ } في تدبيره . فـ { ٱلْمُنَافِقُونَ } : هم الذين أظهروا الإيمان ، وأبطنوا الشرك ، { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } : هم الشاكون في أمر الإسلام . وقيل : هما واحد ، كما قال : { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } [ البقرة : 3 ] ، ثم قال : { وٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } [ البقرة : 4 ] ، وهما واحد . ويُروى أن رجلاً من الأنصار رأى الملائكة يوم بدر ، فذهب بصره ، فكان يقول : لولا ما ذهب بصري لأرَيْتكُم الشِّعْب الذي خرجت منه الملائكة . قال : ولقد سمعت حَمْحَمة الخيل . قوله : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } . أي : لو عاينت ذلك ، يا محمد ، رأيت أمراً عظيماً ، يضربون وجوههم وأستاههم ، يقولون لهم : { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } ، أي : النار . فـ : " يقولون " محذوفة من الكلام . وجواب { لَوْ } محذوف . والمعنى : ولو ترى ذلك لرأيت أمراً عظيماً ، وشبه هذا . وهذا إنما يكون عند قبض أرواحهم . وقيل : إنما يكون يوم القيامة . وقيل : أريد به يوم بدر ، قاله مجاهد . قال مجاهد { أَدْبَارَهُمْ } : أستاههم ، ولكن الله كريم يَكْنِي . قال ابن عباس : / كان المشركون إذا أقبلوا بوجوهم يوم بدر إلى المسلمين ، ضربوا وجوههم بالسيوف ، وإذا ولَّوا ، أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم . قوله : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، وقف ، إن جعلت المعنى : إذ يتوفى الله الذين كفروا ، ثم تبتدئ : { ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } ، على الابتداء والخبر . ويدل على هذا المعنى : { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا } [ الزمر : 42 ] . وإن جعلت الملائكة هم يتوفونهم ، وقفت على { ٱلْمَلاۤئِكَةُ } ، وهو مروي عن نافع ، وجعلت { يَضْرِبُونَ } ، على إضمار مبتدأ ، أي : هم يضربون . والأحسن الوقف على { أَدْبَارَهُمْ } ، وهو التمام وتبتدئ : { وَذُوقُواْ } ، على معنى : ويقولون . { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } تمام ، إن قدرت " الكاف " في { كَدَأْبِ } [ الأنفال : 52 ] ، متعلقة بقوله : { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } . فإن قدرت أنها متعلقة بقوله : { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } ، لم تقف على : { ٱلْحَرِيقِ } ؛ لأنّ المعنى : { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } ذوْقاً { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } . فـ : " الكاف " على هذا في موضع نصب نعت لمصدر محذوف . و { ذٰلِكَ } ، في موضع رفع بالابتداء ، والخبر : { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } ، والتقدير : ذلك العذاب لكم { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } ، أي : من الآثام . وقيل : هو في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، والتقدير : الأمر ذلك . { وَأَنَّ ٱللَّهَ } ، " أن " في موضع خفض عطفاً على " ما " . أو في موضع نصب على حذف حرف الجر . أو في موضع رفع نَسَقاً على : { ذٰلِكَ } . أو على إضمار مبتدأ ، والتقدير : وذلك أنَّ الله .