Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 5-6)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، الآية . قال الكسائي : " الكاف " : نعت لمصدر : { يُجَادِلُونَكَ } ، والتقدير : يجادلونك في الحق مُجَادَلَةً { كَمَآ أَخْرَجَكَ } . وقال الأخفش : " الكاف " نعت لـ : " حق " ، والتقدير : هم المؤمنون حقاً { كَمَآ أَخْرَجَكَ } . وقيل : " الكاف " في موضع رفع ، والتقدير : { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، كأنه ابتداء وخبر . وقال أبو عبيدة : هو قَسَمٌ ، أي : لهم درجات ومغفرة ورزق كريم ، والذي أخرجك من بيتك بالحق ، فـ : " الكاف " بمعنى : " الواو " . وقال الزجاج : " الكاف " في موضع نصب ، والتقدير : الأنفال ثابتة لك ثباتاً { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ } ، والمعنى : { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } وهم كارهون ، كذلك تَنْفُلُ من رأيت . وقال الفراء التقدير : امض لأمرك في الغنائم ، ونَفِّلْ من شئت وإن كرهوا { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } . وقيل : " الكاف " في موضع رفع ، والتقدير : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } ، إلى : { لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ، هذا وعد وحق { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } . وقيل المعنى : { وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } ذلك خير لكم { كَمَآ أَخْرَجَكَ } ، فـ : " الكاف " : نعت لخبر ابتداء محذوف هو الابتداء . وقيل التقدير : { قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } { كَمَآ أَخْرَجَكَ } . قال عكرمة في الآية : { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، أي : الطاعة خَيْرٌ لَكُمْ ، كما كان إخراجك من بيتك بالحق خيراً لك . وقوله : { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } . قال ابن عباس : " لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأبي سفيان أنه مقبل من الشام ، ندب إليه من المسلمين ، وقال : هذه عِيرُ قريش فيها / أموالهم ، فاخرجوا إليها ، لَعَلَّ الله أن يُنْفِلَكُمُوهَا ! فانتدب الناس ، فَخَفّ بعضهم وثَقُلَ بَعضهم ، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حرباً . فَنَزَلَتْ : { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } " . قال السدي { لَكَارِهُونَ } : لطلب المشركين . { للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ، وقف . و { مُّؤْمِنِينَ } ، وقف . ويكون تقدير الآية وتفسيرها : " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ، لما نظر إلى قلة المسلمين يوم بدر وإلى كثرة المشركين قال : " مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ، وإِنْ أَسِرَ أَسِيراً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا " ، ليرغبهم في القتال ، فلما هزمهم الله ، عز وجل وأَظْفَرَه بهم ، قام إليه سعد بن عبادة ، فقال له : يا رسول الله ، إن أعطيت هؤلاء ما وعدتهم بقي خلق من المسلمين بغير شيء ، فأنزل الله : { قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } " ، أي : يصنع فيها ما يشاء . فأمسكوا لما سمعوا ذلك على كراهية منهم له ، فَأَنْزَلَ الله ، عز وجل ، : { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، أي : امض لأمر الله في الغنائم ، وهم كارهون لذلك ، أي : بعضهم ، كما مضيت لأمر الله عز وجل ، في خروجك ، وهم له كارهون ، أي : بعضهم . فإن جعلت التقدير : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } كما جادلوك يوم بدر ، فقالوا : لم تخرجنا للقتال فنستعد له ، إنما أخرجتنا للغنيمة ، فلا يحسن الوقف على ما قبل " الكاف " على هذا . وعلى قول أبي عبيدة أن " الكاف " في موضع : واو القسم ، يحسن الوقف على ما قبل " الكاف " كأنه قال : والذي أخرجك من بيتك بالحق ، كما قال : { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [ الليل : 3 ] ، أي : والذي خلق الذكر . وقوله : { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ } ، الآية . قال ابن عباس : لما شاور النبي صلى الله عليه وسلم ، في لقاء القوم ، قال له سعد بن عبادة ما قال ، وذلك يوم بدر ، أمر الناس فتعبّوا للقتال ، وأمرهم بالشوكة ، فكره ذلك أهل الإيمان ، فأَنْزَلَ الله ، عز وجل ، { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، إلى { وَهُمْ يَنظُرُونَ } . قال ابن اسحاق : خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، يريدون العِيَر طمعاً بالغنيمة ، فلما عرفوا أن قريشاً قد سارت إليهم ، كرهوا ذلك ، وكأنهم يساقون إلى الموت ؛ لأنهم لم يخرجوا للقتال . فالذي عُني بهذا هم المؤمنون ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل ، { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، إلى : { وَهُمْ يَنظُرُونَ } . وقال ابن زيد : عني بذلك المشركون ، قال : هم المشركون جادلوا في الحق ، { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ } حين يدعون إلى الإسلام ، { وَهُمْ يَنظُرُونَ } . قال الطبري : المراد بذلك المؤمنون . ودَلَّ عليه قوله : { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } ، لما كرهوا القتال جادلوا فقالوا : لم تعلمنا أنَّا نلقى العدو فنستعد لقتالهم ، إِنَّمَا خرجنا لِلْعِير . وَيَدُلُّ على ذلك قوله : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } ، ففي هذا دليل أنّ القوم كانوا للشوكة كارهين ، وأن جدالهم في القتال ، [ كما ] قال مجاهد ، كراهية منهم له . وروي عن ابن عباس : { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ } ، أي : في القتال ، { بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ } ، أي : بعد ما أمرت به .