Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 7-8)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ } ، إلى قوله : { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } . والمعنى : واذكروا ، أيها المؤمنون { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ } ، والطائفتان : إحداهما فرقة أبي سفيان والعير ، والطائفة الأخرى : فرقة المشركين الذين خرجوا من مكة لمنع العير . وقوله : { أَنَّهَا لَكُمْ } . أي : أن ما معهم غنيمة لكم . وقوله : { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } . أي : تحبون أن تكون لكم العير التي لا قتال فيها ولا سلاح دون / فرقة المشركين المقاتلة المسلحين . وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أحبوا أن يَظْفَروا بالعير ، فأراد الله عز وجل ، غير ذلك ، أراد أن يَظْفَروا بالمقاتلة ، فيكون ذلك أذل لهم وأخزى وأهيب في قلوب المشركين ؛ لأن المسلمين لو ظَفِروا بالعير ولا مقاتلة معها ما كان في ذلك هيبة ولا ردعة عند المشركين ، وإذا ظَفِروا بالمقاتلة وأهل الحرب والبأس كان ذلك أهيب وأروع لمن بقي منهم . و { ٱلشَّوْكَةِ } : السلاح . وقال أبو عبيدة : غير ذات الحد . يقال : فلان شَائِكٌ في السلاح وشَاكٌ ، من الشِّكَةِ . وقال ابن عباس : " لما خُبِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأبي سفيان مُقْبلاً من الشَّأْم ، ندب المسلمين إليهم ، فقال : هذه عير قريش ، فيها أموالٌ ، أخرجوا إليها لعلّ الله أن يملككموها ! فانتدب الناس ، فخف بعضهم ، وثقل بعضهم ؛ لأنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يلقى حرباً ، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ، ويسأل من لقي من الركبان ، تخوفاً على أموال الناس ، حتى أصاب خبراً من بعض الركبان : " إن محمداً قد استنفر [ أصحابه ] لك ولِعِيرك " فَحَذِرَ عند ذلك ، فاستأجر ضَمْضَم بن عمرو الغفاري ، فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمداً قد عرض لها في أصحابه ، فمضى ضَمْضَم . وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، في أصحابه ، وأتاه الخبر عن قريش بخروجهم ليمنعوا عيرهم ، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس ، وأخبرهم عن قريش . فقام أبو بكر ، فقال فأحسن . وقام عمر ، فقال فأحسن . ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ، امض لما أمرك الله ، فنحن معك ، والله لا نقول كما قال بنو إسرائيل لموسى : { فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } ، ولكن اذهب ( أنت ) وربك فقاتلا ، إِنَّا معكم مقاتلون ! والذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى بَرْك الغِماد ، يعنى : مدينة الحبشة ، لجالدنا معك مَنْ دونه ! ثم قالت الأنصار بعد ان استشارها : امض يا رسول الله ، لما أمرت ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك . فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى التقى بالمشركين ببدر ، فسبقوا الماء ، والتقوا ، ونصر الله عز وجل ، النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، فَقُتِلَ من المشركين سبعون ، وَأُسِرَ منهم سبعون ، وغنم المسلمون ما كان معهم ، وسلمت العير مع أبي سفيان ، وكان قد أخذ بها الساحل ، أسفل من موضع القتال ، وهو قوله تعالى : { وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ } " . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : " قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ، حين فرغ من بدر ، عليك العير ليس دونها شيء ، قال : فناداه العباس : لا يصلح ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " لِمَ " ؟ قال : لأن الله عز وجل ، وعدك إحدى الطائفتين ، وقد أعطاك ما وعدك . قال : " صَدَقْتَ " " .