Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-10)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ } إلى قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . قرأ عيسى بن عمر : " إنِّي مُمِدُّكُم " ، أي : قال : إني ممدكم . ومن قرأ : { مُرْدِفِينَ } ، بفتح الدال ، يجوز أن يكون نصباً على الحال من الضمير في : { مُمِدُّكُمْ } . وقيل : هو في موضع خفض نعت لـ : " ألف " . ومن كسر الدال فمعناه : يُرْدِف بعضهم بعضاً ، أي : يتبع بعضهم بعضاً . يقال : رَدِفْتُهُ وأَرْدَفْتُهُ : إذا تَبِعْته . وأنكر أبو عبيد أن يكون / المعنى : يُرْدِف بعضهم بعضاً ، أي : يحمله خَلْفَهُ ، ودفع قراءة الكسر على هذا التأويل . والوجه أنهم يتبعون بعضهم بعضاً في الإتيان لا في الركوب ، وقد رُوي عن ابن عباس أنه قال : وَرَاءَ كُلِّ مَلَكٍ مَلَكٌ . فمعنى الكسر : أَنَّ الملائكة يُرْدِفُ بعضها بعضاً ، أي : يتبع . ومعنى الفتح : أن الله أَرْدَفَ بهم المؤمنين . حكى سيبويه " مُرَدِّفينَ " : بفتح الراء ، وتشديد الدال وكسرها . وأصله : " مُرْتدفِيِنَ " ، ثم أدَغم " التاء " في " الدال " بعد أن ألقى حركتها على " الراء " . وحكى أيضاً : " مُرِدِفِّينَ " بكسر الراء ، على أنه " مُرْتَدِفِينَ " أيضاً ، لكن أدغم وكسر الراء لالتقاء الساكنين ، ولم يلق عليها حركة " التاء " . ومعنى الآية : { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ } [ الأنفال : 8 ] ، { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } ، أي : حين ذلك ، أي تستجيرون به من عدوكم ، { فَٱسْتَجَابَ } ربكم { لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ } ، أي : بأني { مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ } يردف بعضهم بعضاً ، أي : يتلو . وَرُوِيَ عن عاصم : " آلفٌ " ، على وزن " أَفْعُلٍ " . قال ابن عباس : لمَّا اصطفَّ القوم ، قال أبو جهل : اللهم أولانا بالحق فانصره ! ورفع النبي صلى الله عليه وسلم ، يده وقال : يا رب ، إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً . قال السدي : فاستجاب الله ، عز وجل ، له ونصره بالملائكة ، وذلك يوم بدر . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لما نظر النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى المشركين وَهم ألفٌ ، وأصحابه ثلاث مائة وبضعة عشر ، استقبل القبلة ، ثم مدَّ يدَهُ ، وجعل يهتف بربه : " اللهم أنجز ما وعدتني " ، فما زال يهتف حتى سقط رداؤه صلى الله عليه وسلم ، عن منكبيه ، فرده أبو بكر على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه ، فقال : يا نبي الله كَذَلك مناشدتك ربك ، فَإِنَّه سينجز لك ما وعدك ! . وقوله : { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } . " الهاء " تعود على " الإمْدَادِ " . وقيل : على " الإِرْدَافِ " . وقيل : على " الأَلْفِ " . وقيل : على قبول الدعاء . والمعنى : { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } : إرداف الملائكة بعضها بعضاً . { إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } ، أي : ولكي تسكن إلى ذلك قلوبكم ، وتوقن بنصر الله عز وجل ، فليس النصر إلا من عند الله ، سبحانه { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } ، أي : لا يقهره شيء ، { حَكِيمٌ } في تدبيره . و " الهاء " ، في : { بِهِ } تحتمل ما جاز في " الهاء " في : { جَعَلَهُ } . ويجوز رجوعها على " البشرى " ؛ لأنها تعني الاستبشار .