Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 25-27)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ } ، إلى قوله : { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . { حُنَيْنٍ } : مذكر ، اسم واد بين مكة والطائف . ومن العرب من يجعله اسماً للبقعة فلا يصرفه للتأنيث والتعريف . وقيل : هو واد إلى جنب ذي المجاز . لغة بني تميم : " كِثْرةَ " ، بكسر الكاف ، وجمعه : كثر ، والفتح لغة أكثرهم ، وجمعه : كثرات ، وهما مصدران وجمعهما قبيح . ومعنى الآية : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ } ، أيها المؤمنون في أماكن حرب ، ونصركم يوم حنين أيضاً . وهو يوم قاتل فيه النبي عليه السلام ، هَوَازِن وثقيفاً ، وخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ، في تلك الغزوة / إثنا عشر ألفاً : عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار ، وألفان من الطلقاء ، فأعجب القوم كثرهم ، فانهزموا ونزل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن بغلته الشهباء ، وكان العباس أخذ بلجام [ بغلة ] النبي عليه السلام ، فأمر النبي صلى الله عليه سلم ، بالأذان في الناس فتراجع الأنصار ، وكان المنادي ينادي : " يا معشر الأنصار ، ويا معشر المهاجرين ، يا أصحاب الشجرة ، يا أصحاب سورة البقرة ، فجاء الناس عُنُقاً واحداً ، ثم أنزل الله عز وجل ، نصره ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، كفًّا من تراب ، وقبضة من حصباء ، فرمى بها وجوه القوم الكفار ، وقال : " شَاهَتِ الوُجُوهُ " ، فانهزموا . فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الغنائم ، ورجع إلى الجِعِرَّانَة ، فقسم بها الغنائم ، مغانم حنين ، وزاد أُناساً منهم : أبو سفيان بن حرب ، والأقرع بن حابس ، وسهيل بن عمرو ، وغيرهم ، تألف بالزيادة قلوبهم ، فتكلمت الأنصار ، وقالت : " آثر قومه " ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في قبة له من أدمٍ ، فقال : يا معشر الأنصار ما هذا الذي بلغني ؟ ألم تكونوا ضُلاَّلاً فهداكم الله ، وكنتم أذِلَّةً فأعزكم الله ، وكنتم وكنتم . فتكلموا إليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي نفسي بيده ، لو سلكتم وادياً وسلك الناس وادياً ، لسلكتُ وادي الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار . ثم مدحهم بغير هذا ، ثم قال : أما ترضون أن ينقلب النَّاس بالإبل والشاء ، وتنقلبون برسول الله إلى بيوتكم . فقالت الأنصار : رضينا عن الله عز جل ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله ما قلنا ذلك إلا ظناً بالله ورسوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، الله ورسوله يُصدقانكم ويعذِرَانكم . قال السدي : قال رجل من أصحاب النبي عليه السلام ، يوم حنين ، وقد كانوا إثنى عشر ألفاً : يا رسول الله لن نُغْلَبَ اليوم من قلَّةٍ وأعجبته كثرة الناس ، فَوُكِّلُوا إلى كلمة الرجل ، فانهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غير العباس ، وأبي سفيان بن الحارث ، وأيمن بن أم أيمن ، قتل يومئذ بين [ يدي ] النبي صلى الله عليه وسلم . فنادى النبي صلى الله عليه وسلم ، بالأنصار : أين الأنصارُ الذين بايعوا تحت الشجرة ؟ فتراجع الناس ، فأنزل الله عز وجل ، الملائكة بالنَّصر ، فهزم المشركون يومئذ ، وغنموا . وأصاب المسلمون ستة آلاف سبية ، فجاء قومهم مسلمين ، فقالوا : يا رسول الله ، أنت خير الناس ، وأبرُّ الناس ، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنّ عندي من ترون ، وإنّ خَيْرَ القَوْلِ أَصْدَقُهُ ، فاختاروا : إما ذراريكم ونسائكم ، و [ إمّا ] أموالكم . فقالوا ما كنا نعدل بالأحْسَاب شيئاً ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، من طابت نفسه [ أن يرد ما عنده من الذراري ومن لم تَطِبْ نفسه ] أن يجعله قرْضاً عند النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يعوضه مكانه . فَرَضُوا كلهم وسلموا بأن يردوا الذَّراري بطيب نفس . ومعنى { بِمَا رَحُبَتْ } ، أي : بسعتها . وقال الطبري : " الباء " بمعنى : " في " . فأعلم الله عز وجل ، المؤمنين في هذه الآية أنه ليس بكثرهم يغلبون ، [ إنما يغلبون ] بنصره . وكانت غزوة حنين بعد فتح مكة ، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، إليها خرج معه أهل مكة مشاة وركباناً ، يمشون يرجون الغنائم حتى خرج معه النساء والصبيان وهم على غير الإسلام / وليس يكرهون أن تكون الصدمة برسول الله [ صلى الله ] عليه وسلم . وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الغنائم على الجميع ، ووفَّر على أهل مكة اسْتِيلاَفاً لهم ليدخلوا في الإسلام ، وزَوَى كثيراً من المقاسم عن أصحابه ، فعند ذلك وجدت الأنصار في أنفسها ، وقالوا : ما نرى فعل ذلك إلا وهو يريد المقام بين ظَهْرَانَيْهِم ، فعاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، [ على ذلك . فنصر الله النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو السَّكِينَةُ التي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ] وعلى المؤمنين ، { وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } ، وهي الملائكة بالنصر : { وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، أي : بالسيف ، وسبي الأهل وأخذ الأموال : { وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } ، أي : هذا الذي فعله بهم ، هو جزاء من كفر بالله ورسوله . وقيل : هو جزاء من بقي منهم . { ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } . أي : يتفضل على من يشاء بالتوبة من الكفر والإنابة إليه ، يعني من بقي منهم ، حتى ينقلهم إلى طاعته إذا شاء ، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .