Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } ، الآية . قوله : { كُلَّ مَرْصَدٍ } ، منصوب عند الأخفش على حذف : " على " . وقد حكى سيبويه : ضُرب الظهر والبطن ، أي : " على " ، فنصب لما حذف " على " . ونصبه على الظرف حسن ، كما تقول : " قَعَدْتُ لّهُ كُلَّ مَذْهَبٍ " . أي في كل مذهب . والمعنى : فإذا انقضت الأشهر الحرم عن الذين لا عهد لهم ، أو عن الذين كان لهم عهد ، فنقضوا وظاهروا المشركين على المسلمين ، أو كان عهدهم إلى غير أجل معلوم . { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } ، من الأرض ، في الحرم ، وفي غيره ، وفي الأشهر الحرم وفي غيرها . { وَخُذُوهُمْ } ، أي : أسروهم ، والعرب تسمي " الأسير " : أخِيذاً ، { وَٱحْصُرُوهُمْ } ، أي : امنعوهم من التصرف في بلاد المسلمين ، وأصل " الحصر " : المنع ( والحبس ) ، { وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } ، أي : طالبوهم في كل طريق . { فَإِن تَابُواْ } ، أي : رجعوا عن الشرك ، { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } ، أي : أدوها بحدودها ، { وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ } ، أي : أعطوا ما يجب عليهم في أموالهم / ، { فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ } أي : دعوهم يتصرفون [ في أمصاركم ] ، ويدخلون البيت الحرام { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } ، أي : ساتر ذنوب من رجع وأناب ، { رَّحِيمٌ } ، أن يعاقبه على ذنوبه السابقة قبل توبته ، [ بعد التوبة ] . روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " من فارق الدنيا على الإخلاص لله عز وجل ، وعبادته ، جلت عظمته ، لا يشرك به فارقها والله عنه راض " . و { ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ } ، هنا : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم . وأريد في هذا الموضع انسلاخ المحرم وحده ؛ لأن الأذان بـ : " براءة " كان يوم الحج الأكبر . فمعلوم أنهم لم يكونوا أُجِّلوا الأشهر [ الحرم ] كلها ، ولكنه لما كان المحرم متصلاً بالشهرين الآخرين الحرامين وكان لهما تالياً قيل : { فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ } . وقال السدي : { ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ } هنا هي : من يوم النحر إلى عشر خلون من ربيع الآخر . وسميت " حُرُماً " ؛ لأن الله حرم على المؤمنين فيها دماء المشركين ، وأذاهم . وقال مجاهد : { ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ } ، هنا هي : الأربعة التي قال الله عز وجل : { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } [ التوبة : 2 ] . وهو قول السدي . ومثله قال ابن زيد ، قال : أمر الله سبحانه أن يتركوا أربعة أشهر يسيحون ثم يتبرأ منهم ، ثم أمر إذا انسلخت تلك الأشهر الحرم أن يقتلوا حيث وجدوا . وسماها " حُرُماً " ؛ لأنه حرم قتل المشركين فيها . وقال الضحاك ، والسدي : الآية منسوخة لا يحل قتل أسير صبرا ، والذي نسخها هو قوله : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } [ محمد : 4 ] . وهو قول عطاء . وقال قتادة : هذه الآية ناسخة لقوله : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } ، ولا يجوز أن يمنّ على أسير ولا يُفادى ، وقد روي مثله عن مجاهد . وقال ابن زيد : وهو الصواب إن شاء الله ، [ إن ] الآيتين محكمتان . أمر هنا : أن يؤخذوا إما للقتل ، وإما للمنّ ، وإما للفداء ، وأمر ثَمَّ ، إما المن ، وإما الفداء ، فهما محكمتان ، وقد فعل هذا كله رسول الله صلى الله عليه وسلم : قتل الأساري ، وفادى ببعض ، ومنَّ على بعض ، وذلك يوم بدر .