Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 88-90)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } ، إلى قوله : { عَذَابٌ أَلِيمٌ } . المعنى : هؤلاء لهم خيرات الآخرة ونعيمها . وواحد { ٱلْخَيْرَاتُ } ، " خَيْرَةٌ " مخففة ، و " خيرات " كل شيء ، أفضله . { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } . أي : الباقون في النعيم ، المخلدون فيه . وأصل " الفلاح " : البقاء في الخير ، وقولهم : " حَيَّ على الفَلاَحِ " أي : تعالوا إلى الفوز ، يقال : " أفْلَحَ الرَّجُلُ " ، إذا فاز وأصاب خيراً . { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ } . أي : بساتين . { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } . أي : لابثين فيها أبداً . { ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } . أي : النجاء العظيم ، والحظ الجزيل . ثم قال تعالى : { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } . والمعنى : { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } ، في التخلف ، { وَقَعَدَ } عن الإتيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيعتذروا أو يجاهدوا ، و { ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، واعتذروا بالباطل بينهم ، لا عند رسول الله عليه السلام . { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } . أي : جحدوا توحيد الله ونبوة نبيه عليه السلام . { عَذَابٌ أَلِيمٌ } . أي : مؤلم ، أي : موجع . وقوله : { ٱلْمُعَذِّرُونَ } ، ليس من " عذَّر " ، يقال : " عَذَّرَ الرَّجُلُ في الأمْرِ " إذا لم يبالغ فيه ، ولم يُحكمه ، ولم تكن هذه صفة هؤلاء ، بل كانوا أهل اجتهاد في طلب ما ينهضهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فوَصْفُهم بأنُّهم قد اْعتَذَروا أو أَعْذَروا ، أولى من وصفهم بأنهم قد عَذَّروا فإنما هم المُعْتَذِرون ، ثم أدغم . وقد قرأ ابن عباس : " المُعْذِرُونَ " من : " أعذر " . ويجوز : " المُعذِّرُون " بضم العين لالتقاء الساكنين ، ( يتبع الضم الضم . ويجوز : " المُعِذِّرُون " بكسر العين لالتقاء الساكنين ) . وقد قيل : إنّ " المُعَذِّرَ " من " عذَّر " إذا قَصر في الأمر فهم مذمومون على هذا المعنى . وعلى المعنى الآخر إذا حملته على معنى " المُعْتَذِرينَ " غير مذمومين ، إذا أتوا بعذر واضح . ويجوز أن يكونوا مذمومين إذا أتوا بعذر غير واضح ، يقال " اعْتَذَرَ الرَّجُلُ " : إذا أتى بعذر واضح ، و " اعْتَذَرَ " : إذا لم يأت بعذر ، قال تعالى : { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ } ، فهؤلاء اعتذروا بالباطل ، فهم الذين يعتذرون ولا عذر لهم . ومنع المبرد أن يكون أصله : " المُعْتَذِرِين " ثم أدغم لأنه يقع اللبس . وذكر إسماعيل القاضي : أنَّ سياق الكلام يدل على أنَّه لا عذر لهم وأنهم مذمومون ، لأنهم جاء / وا { لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } ، ولو كانوا من الضعفاء والمرضى ، والذين لا يجدون ما ينفقون لم يحتاجوا إلى أن يستأذنوا . وقول العرب : " مَنْ عَذِيرِي مِنْ فُلاَنٍ " ، معناه : قد أتى فلانٌ أمراً عظيماً يستحق عليه العقوبة ، ولم يعلم الناس به ، فمن يَعْذِرُني إن عاقَبْتُه . قال مجاهد : هم نفر من بني غِفار ، جاءوا فاعتذروا ، فلم يعذرهم الله عز وجل . وكذلك قال قتادة . فهذا يدل على أنهم كانوا أهل اعتذار بالباطل لا بالحق ، فلا يوصفون بالإعْذَارِ . وقرأ ابن عباس : " المُعْذِرُون " بإسكان العين ، وكان يقول : لعن الله المعتذرين ، يذهب إلى أن " المعتذرين " بإسكان العين ، ليس لهم عذر صحيح . و { ٱلْمُعَذِّرُونَ } بالتشديد : المفرطون المقصرون ولا عذر لهم .