Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 94-95)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ } : اختلف فيه ؛ قال بعضهم : [ الخطاب به لرسول الله والمراد منه غيره . وقال بعضهم : الخطاب به المراد به جميعاً غيره . وقال بعضهم ] الخطاب به والمراد به رسول الله ما كنت في شك مما أخبرتهم وأنبأتهم ، فمن قال : الخطاب لرسول الله والمراد به غيره ، وهو ما ظهر في الناس أنهم يخاطبون من هو أعظم منزلة عندهم وقدرا ويريدون به غيره ، وإلا لا يحتمل أن يكون رسول الله يشك فيما أنزل إليه قط أو يرتاب ؛ كقوله : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا … } الآية [ الإسراء : 23 ] ، ومعلوم أنه في وقت ما خوطب به لم يكن أبواه أحياء دل أنه أراد به غيره ؛ فعلى ذلك الأول . ومن قال : الخطاب والمراد به من غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الوفود من الكفرة كانوا يتقدمون رسول الله فيسألونه شيئاً فشيئاً فيخاطب الذي يتقدم ، وكان يحضره الوحدان والجماعة يقول : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ } . وقوله : { أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } على هذا التأويل هو منزل إليه ؛ إذ كل منزل على رسول الله منزل عليه وإليه وإلى كل أحد كقوله : { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ } [ الأعراف : 3 ] أمرهم باتباع ما أنزل إليهم دل أن كل منزل على رسول الله منزل عليهم . ومن قال : الخطاب والمراد به رسول الله قال لما لا يحتمل أن يكون رسول الله يشك في شيء مما أنزل إليه ، ولكنه يريد به التقرير عنده لقول الكفار إن الذي يلقي على محمد شيطان فيريد به التقرير عنده ، أو يخاطب به كل شاك ؛ كقوله : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ * ٱلَّذِي } [ الانفطار : 6 - 7 ] هو يخاطب إنساناً واحداً ، ولكن المراد به كل إنسان مغرور وكل كافر ، وذلك جائز في القرآن كثير أن يخاطب به كلا في نفسه . ومن قال : خاطب به رسوله وأراد هو - أيضاً - وهو كان في الابتداء على غير يقين أنه يوحى إليه أو لا ؛ كقوله : { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ } [ العنكبوت : 48 ] ، وقوله : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [ الشورى : 52 ] فقال : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ } الأنباء التي أخبرتهم وأنبأتهم وادعيت أنها أوحيت إليك ليخبروك على ما أخبرتهم . وقوله : { فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ } قال بعضهم : فاسأل الذين يقرءون الكتاب يعني من آمن منهم . وقال بعضهم : سل أهل الكتاب منهم يخبرونك ؛ لأنه مكتوب عندهم ؛ كقوله : { يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ … } الآية [ الأعراف : 157 ] . وقوله - عز وجل - : { لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } قيل : الحق القرآن جاء من ربك ، وقيل : جاء البيان أنه من عند الله . وقوله : { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } : الشاكين . { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } : هو ما ذكرنا أنه يريد بالخطاب غيره ، وإلا لا يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون من الشاكين ، أو يكون من الذين يكذبون بآيات الله ، أو يكون من الخاسرين .