Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-10)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } . يحتمل وجوهاً : يحتمل : يهديهم ربهم بإيمانهم في الدنيا طريق الجنة في الآخرة ، وهو يعني ما ذكر في القصة أن المؤمن إذا أخرج من القبر يصور له عمله في صورة حسنة . والثاني : يهديهم [ ربهم ] بإيمانهم ، [ أي : يهديهم ربهم بإيمانهم ] فيصيرون مهتدين بهدايته إياهم ويشبه يهديهم ربهم بإيمانهم أي يدعوهم إلى الخيرات في الدنيا بإيمانهم ، والله أعلم . فهذا على المعتزلة ؛ لأنهم يمتنعون عن تسمية صاحب الكبيرة مؤمناً ومعه إيمان ، فيلزمهم أن يمتنعوا عما وعد له وإن كان معه إيمان ، فإذا ذكر له الوعد مع هذا ألزمهم أن يسموه مؤمناً لما معه من الإيمان . وقوله - عز وجل - : { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } . يقول أهل التأويل : من تحت أهل الجنة ، وقد ذكرنا هذا . وقوله - عز وجل - : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } . قال قائلون : قوله : { دَعْوَاهُمْ } دعوى الإيمان ؛ أي : يدعون في الآخرة من الإيمان والتوحيد لله والتنزيه له كما ادعوا في الدنيا وحدانية الله ونزهوه . وقوله : { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } . هو حرف تنزيه وتبرئة الرب عن الأشباه وجميع الآفات التي وصفته المشبهة الملحدة بها ، فهذا يدل أن ما خرج مخرج الدعوى فإنه لا يختلف باختلاف الدور . وقال عامة أهل التأويل : هو من الدعاء لا من الدعوى ، يقولون : إنهم إذا اشتهوا طعاماً أو شراباً وتمنوا شيئاً فيدعونه بقوله : { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } فيؤتون ما تمنوا واشتهوا ؛ لما ذكر أنه لا تنقطع اللذات في الجنة ، ولو كان ما يقولون لكان فيه انقطاع اللذات والشهوات ، إلا أن يقال : إنهم يلهمون شهوات وأماني فيشتهون ، وقال الله - عز وجل - : { لَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ } [ فصلت : 31 ] { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } [ الواقعة : 20 - 21 ] ولا نعلم ما أراد به . وقوله - عز وجل - : { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } يخرج على وجوه : أحدها : يخبر أنه ليس على أهل الجنة من العبادات شيء سوى التوحيد وهو كلمة التوحيد . والثاني : يقولون ذلك لعظيم ما رأوا من النعيم وعجيب ما عاينوا . والثالث : شكراً لما أعطاهم من ألوان النعيم والأطعمة . وقوله - عز وجل - : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } . قال أهل التأويل : إن الملائكة يأتون بما اشتهوا ويسلمون عليهم ويردون السلام على الملائكة ؛ فذلك قوله : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } ، فإذا طعموا وفرغوا قالوا عند ذلك : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، وهو قول ابن عباس وغيره من أهل التأويل ، ويشبه أن يكون قوله : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } والسلام الذي لا عيب فيه ولا مطعن ، أي كلام بعضهم لبعض منزه منقى من جميع العيوب والمطاعن ؛ كقوله : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } [ الواقعة : 25 ] الآية ، وقوله : { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [ الواقعة : 26 ] ونحوه . وقوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } . قال أهل التأويل : يقولون على أثر فراغهم من الطعام والشراب ذلك . وقال الحسن : إن الله رضي عن عباده بالشكر لما أنعم عليهم في الدنيا والآخرة بـ { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، ويشبه أن يكون قوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } أي دعواهم في الآخرة : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، كما كان دعواهم في الدنيا { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } .