Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 5-5)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } : عن عبد الله بن شداد قال : كان أحدهم إذا مر بالنبي تغشى بثوبه وحنى صدره . وقال قتادة : كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله وذكره . وقال بعضهم : نزلت الآية في رجل يقال له : الأخنس بن شريق الثقفي ، كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم ويظهر له أمرا حسنا ، وكان حسن المنظر حسن الحديث ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه حديثه ويقر به مجلسه ، وكان يضمر خلاف ما يظهر ، فأنزل الله : { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } يقول : يكتمون ما في صدورهم ويستترون ؛ وهو قول ابن عباس . وأصل تثنية الصدور هو أن يضم أحد طرفي الصدر إلى الطرف الآخر ليكون ما أضمروا أستر وأخفى . ويشبه ما ذكر من ثني الصدور أن يكون كناية عن ضيق الصدور ؛ كقوله : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } [ الأنعام : 125 ] ، أو عبارة عن الكبر ؛ كقوله : { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ … } الآية [ الحج : 9 ] ، وكان أصله الميل إلى غيره ، وهو ما قال أبو عوسجة : { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } أي : يميلون إلى غيره ؛ وكذلك قوله : { ثَانِيَ عِطْفِهِ } [ الحج : 9 ] . وقوله : { لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } قال بعضهم : من الله ، وقال بعضهم : منه أي من رسول الله ، لكن إن كانت الآية في المنافقين على ما ذكره بعض أهل التأويل ، فهو الاستسرار والاستتار من رسول الله ؛ لأنهم كانوا يظهرون الموافقة ويضمرون الخلاف له والعداوة ، وإن كانت الآية في المشركين فهو على الاستسرار والاستتار من الله ؛ لأنهم لا يبالون الخلاف لرسول الله وإظهار العداوة له ، وعندهم أن الله لا يطلع على ما يسرون ويضمرون في قلوبهم ، فأخبر أنه يعلم ما أسروا وما أعلنوا ، ففيه دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يسرون ذلك عنه ويضمرونه ، فأخبرهم بذلك ليعلم إنما علم ذلك بالله تعالى . وقوله - عز وجل - : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } أي : يستترون بها . قال الحسن : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } في ظلمة الليل وفي أجواف بيوتهم يعلم تلك الساعة ما يسرون وما يعلنون ، وأصله أنهم يعلمون أن الله هو الذي أنشأ هذه الصدور والقلوب ، والثياب هم الذين نسجوها واكتسبوها ، ثم لا يملكون الاستتار [ بما كسبوا هم فلألاَّ يملكوا الاستتار ] بما تولى هو إنشاءه أحق . وقوله : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ } ألا إنما هو تأكيد الكلام ، وهو قول أبي عبيدة وغيره . وقوله - عز وجل - : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } : قال أهل التأويل عليم بما في الصدور ولكن يشبه أن قوله : { عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } عبارة عن صدور لها تدبير وتمييز وهو البشر .