Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 96-99)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِين } وهي الحجج . يحتمل قوله : { بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِين } واحد ، على التكرار ، فإن كانت الآيات هي الأوامر والنواهي ، وما يؤتى وما يتقى فقوله : { وَسُلْطَانٍ مُّبِين } هي الحجج والبراهين على ذلك . وقوله - عز وجل - : { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } قد ذكرنا أن الملأ هو اسم لشيئين : اسم الجماعة ، واسم الأجلة والأشراف ، وهو كان مبعوثاً إلى الأشراف من قومه ، وإلى الجماعة جميعاً ؛ خصّ بعثه إلى فرعون وقومه وإن كان مبعوثاً إلى الكل ؛ لما العرف في الملوك أنهم إنما يخاطبون الكبراء منهم والأشراف ، وإن كان [ المقصود من الخطاب ] الكل . وقوله - عز وجل - : { فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } قال بعضهم : هو ما ذكر في حم المؤمن حيث قال لهم : { مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [ غافر : 29 ] فأطاعوا فرعون في قوله ؛ يقول الله : { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [ أي ] : يهدي ، أو يقول : ما الأمر الذي عليه فرعون برشيد ؛ بل هو ضلال . ولكن عندنا أنهم أطاعوا فرعون في جميع أمره ونهيه في عبادة الأصنام وغيره ، وهو ما ذكر : { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } [ الزخرف : 54 ] . وقوله - عز وجل - : { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } أي : ليس بهدى ؛ بل كان أمره ضلالا ؛ حيث كان هو ضالا مضلا . وقوله - عز وجل - : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } قال بعضهم : أي : صار قدامهم . وقال بعضهم : يقدم أي : يقود قومه إلى النار حتى يوردهم النار . ويحتمل قوله : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ } أي : يكون إماماً لهم يوم القيامة يتبعون أثره ، كما كان إمامهم في الدنيا فاتبعوه ؛ كقوله : { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } [ الإسراء : 71 ] وكقوله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } [ القصص : 41 ] أخبر أنهم يكونون أئمة لهم في الآخرة . ويشبه أن يكون قوله : { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } أي : دعاهم في الدنيا ، وأمرهم بأمور توردهم النار تلك الأعمال كقوله : { فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } [ البقرة : 175 ] أي : ما أصبرهم على عمل أهل النار . وقال بعضهم : يتبعونه حتى يدخلهم النار . وقوله - عز وجل - : { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } قال بعضهم : بئس المدخل المدخول ، والورد هو الدخول ، والمورود المدخول ؛ سمي الجزاء باسم سببه . قال ابن عباس - رضي الله عنه - : جميع ما ذكر في القرآن من الورود فهو دخول منهم ، قوله : { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } وقوله : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] وقوله : { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [ الأنبياء : 98 ] { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } [ مريم : 86 ] فقال : والله ليردنها كل برّ وفاجر { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [ مريم : 72 ] . وقوله : { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } يحتمل : اللعنة في الدنيا : العذاب الذي نزل بهم . ويحتمل لعن الخلائق يلعنهم من ذكرهم . وفي الآخرة يحتمل الوجهين جميعاً . يحتمل : يعذبون في الآخرة - أيضاً - كما عذبوا في الدنيا . ويحتمل : لعن الخلائق - أيضاً - من رآهم لعنهم ، واللعن هو الطرد في اللغة : طردوا عن رحمة الله ولم يرحموا في عذاب الدنيا ؛ ولا يرحمون في عذاب الآخرة . وقوله - عز وجل - : { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } عن ابن عباس : { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } يقول : لعنة الدنيا والآخرة . وقال قتادة : ترادفت عليهم لعنتان من الله : لعنة الدنيا ، ولعنة الآخرة ، ولكن على زعمهم يجيء أن يقال : الردف من الترادف . وقال بعضهم : الردف العون ، وهو قول القتبي . وقال القتبي : الرفد : العطية ، والمرفود : المعطي ؛ يقال : رفدته : إذا أعطيته وأعنته ، كما يقال : بئس العطاء المعطي ، وكذلك قال أبو عوسجة : بئس ما أعطوا وأعينوا ، وبئس المعطي ، والله أعلم .